Loader
منذ سنتين

حكم من أفطر أيام من رمضان ولم يقضيها لعدة سنوات. وما معنى أن الفطر في الحرب عزيمة


الفتوى رقم (114) من المرسل م.م.ز مصري مقيم في اليمن، يقول: اشتركت في حرب العاشر من رمضان عام 1973م ضد إسرائيل، وأفطرت من اليوم العاشر حتى نهاية شهر رمضان، وإلى فترة وجيزة من الزمن لم أعلم حكم هذه الأيام التي أفطرتها، فهل يجب علي القضاء فقط أم القضاء والكفارة؟ وما معنى العزيمة؟ لأني قرأت في بعض كتب الفقه أن الإفطار في حالة الحرب عزيمة.

الجواب:

        أولاً: سُئل النبي محمد عن الرجل يقاتل شجاعة والرجل يقاتل حمية والرجل يقاتل رياء، فالنبي قال: « من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله جل وعلا »[1].

        ثانياً: إن الأيام التي أفطرتها إذا كان جهادك على النحو الذي ذكر وهو أنك جاهدت لإعلاء كلمة الله -جل وعلا- فليس عليك إثم لما أفطرته.

        ثالثاً: يجب عليك قضاء الأيام التي أفطرتها، ويبدو من سؤالك أنك لم تقض الأيام حتى الآن.

        وعلى هذا الأساس فإنك تقضيها وتكفر عن كل يوم منها بإطعام مسكين، وهو نصف صاع من البر أو الأرز، ثم تستغفر الله -جل وعلا- عما قد يكون من الإثم الذي ارتكبته، إما التأخيرفي القضاء أو لأنك أفطرت بغير سبب شرعي.

        أما العزيمة التي أشرت أنك وجدت الفقهاء يذكرونها فهي أن العزيمة ما ثبت وفق دليل شرعي خال من معارض راجح.

        ومن أمثلة ذلك: وجوب صيام رمضان، فهو عزيمة، وإذا عرض للإنسان عارض من العوارض التي تسوغ له الفطر من الناحية الشرعية كالسفر والمرض فأفطر ففطره هذا رخصة، وكذلك في الطهارة فإن الوضوء عزيمة والتيمم رخصة، وهكذا المسح على الخفين والجبيرة وكذلك في الصلاة فالظهر أربع والعصر أربع والعشاء أربع هذا من باب العزيمة، أما إذا كان مسافرا فصلى الظهر ركعتين والعصر ركعتين والعشاء ركعتين فهذا من باب الرخصة، فالمقصود أن العزيمة هي عبارة عما ثبت بدليل شرعي خال من معارض راجح.

        ومن الأمور التي تسهل تصور الشيء على وجه دقيق أن يذكر معه ما يقابله، والذي يقابل العزيمة في الشرع هو الرخصة، والرخصة ما ثبتت على خلاف دليل شرعي لمعارض راجح.

        وقد ذكرت جملة من أمثلتها في الجواب السابق كقصر صلاة الظهر والعصر والعشاء على ركعتين، وهكذا التيمم والمسح على الخفين وعلى الجبيرة وفطر المريض وفطر المسافر إلى غير ذلك مما جاء في الشريعة.

        فالحاصل أن ما شرع في سبيل الابتداء خال عن معارض راجح فهو العزيمة، وما ثبت على خلاف دليل شرعي لمعارض راجح فهو الرخصة، وبالله التوفيق.



[1] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا (4/20)، رقم(2810)، ومسلم في صحيحه، كتاب الإمارة، باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله(3/1512)، رقم(1904).