Loader
منذ 3 سنوات

كيف التعامل مع الاولاد الذين يتركون الصلاة مع نصحهم وحثهم على ذلك؟


الفتوى رقم (598) من المرسل ع.ح.ع من العراق من محافظة صلاح الدين، يقول: لي أولاد كبار أكبرهم تجاوز سنه السادسة عشرة من عمره، وأنا ووالدتهم نحثهم -دائماً- على الصلاة؛ ولكنهم لا يصلّون إلا صلاة الجمعة فقط، وليست لي القدرة على إجبارهم على الدوام رغم إلحاحي الشديد بذلك، فهل أكون مسؤولاً عنهم يوم القيامة كما قال النبي : « كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته »؟ وأفيدوني ماذا أفعل بهم؟ وهل عدم استجابتهم لنصيحتي ونصيحة أمهم يعتبر من عقوق الوالدين؟

الجواب:

أولاً: ينبغي أن ينظر السائل إلى الأسباب التي يباشرها أولاده، وينشأ عنها ما يحصل منهم عن التكاسل عن أمور الخير، ومنها ما ذكره من أنهم لا يصلّون إلا الجمعة، ولعله يريد أنهم لا يصلون الجمعة في المسجد؛ ولكنهم يصلّونها ظهراً.

ومن الأسباب التي ينبغي أن يتنبه لها السائل:

السبب الأول: استخدامهم لوسائل الإعلام، وكونهم يأخذون منها ما يضرهم ويتركون ما ينفعهم، ومن أبلغ الوسائل ما يكون موجوداً في البيت و ُترك لهم الأمر بحيث إنهم يستخدمون الوسائل فيما يضر. وعليه في هذا أن يمنعهم من استخدام وسائل الإعلام فيما يضر ويستخدمونها فيما ينفع.

السبب الثاني: وهو من أهم الأسباب القرناء الذين يقترنون بهم، فإن القرين الصالح ينفع قرينه ويحثه على الخير، ويحذره من الشر ومن قرناء السوء وإذا كان القرين شريراً فإنه يحث قرينه على السوء، ويحذره من أعمال الخير، ومن الاستماع لأهل الخير، وهذا سبب له أهمية عظيمة، ولقد ضرب الرسول مثلاً للجليس الصالح ومثلاً للجليس السوء، فقال: « مثل الجليس الصالح والجليس السوء كبائع المسك ونافخ الكير، فبائع المسك إما أن يُحذيك، وإما أن تجد منه رائحة طيبة، وإما أن تشتري منه. ونافخ الكير إما أن تجد منه رائحة كريهة، وإما أن يحرق ثوبك ».

وعلى السائل أن يتفقد أولاده بالنسبة لمن يذهبون معه ويقضون معه وقتاً كثيراً أو قليلاً، ولمَ يذهبون؟ يعني: ما الأسباب أو ما الأغراض التي يذهبون إليها؟ ومتى يذهبون؟ وإلى أين يذهبون؟ فتجد بعض الآباء يهمل أولاده، ولايسأل عنهم مطلقاً حتى تكثر الأمور السيئة على الولد وتثقله.

فالمقصود أن السائل ينتبه لأولاده من ناحية القرناء، وكذلك هؤلاء الذين يقترنون بهم أين يذهبون معهم. ومتى يذهبون؟  بعض الأولاد يقضي الأيام والليالي عند أصدقائه ويترك أهله، ولا شك أن هذا مضر جداً إذا كان القرناء قرناء سوء. هذا هو السبب الثاني.

أما السبب الثالث: أن الأب قد يكون قاسياً في تربيته لأولاده؛ بمعنى: إنه لا يترك لهم المجال. وفي هذا يحصل تضايق من الولد، وبالتالي يختل التوازن الذي عنده.

فالمقصود أنه يبحث عن الأسباب. وبعد ذكر هذه الأسباب نعود إلى ما ذكره السائل من جهة أن أولاده يتركون الجمعة، فإذا كان قصده من السؤال أنهم يتركون الجمعة مطلقاً؛ بمعنى: إنهم لا يُصلّونها لا في البيت؛ يعني: لا يصلونها ظهراً في البيت، ولا يصلونها جمعة مع الجماعة؛ فلا شك أن تارك الصلاة إذا كان جاهلاً لوجوبها كفر بالإجماع، وإذا تركها متهاوناً ومتكاسلاً عنها فإنه يكون كافراً على الصحيح من أقوال أهل العلم، وعلى هذا يستتاب ثلاثة أيام فإن تاب وإلا قتل مرتداً عن الإسلام.

وإذا كان الولد مستمراً لترك الصلاة ووالده ينصحه، فلا يجوز له أن يبقيه في بيته؛ بل عليه أن يستخدم الأساليب التي من أجلها إما أن يستقيم هذا الولد ويؤدي الصلاة، وإلا فإنه يعتذر عن وجوده في البيت؛ لأنه ليس بعد ترك الصلاة عمل للإنسان؛ كما قال النبي : « العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر »؛ وكذلك حديث: « بين العبد وبين الكفر أو الشرك ترك الصلاة » وإذا بذل الوالد قدرته على أولاده؛ وكذلك الأم إذا بذلت؛ فعندئذ ليس عليهم في ذلك شيء.

وما ذكره السائل من أن الأولاد يمتنعون عن الصلاة، هل هذا عقوق؟ لا شك أن هذا الأمر يتعلق به حق من حقوق الله من جهة، ويتعلق به حق الوالدين من جهة أخرى؛ فهو مخالف لأمر الله من جهة؛ وكذلك فيه عصيان للوالدين من جهة أخرى؛ لأنهما أمرا بمعروف، وحينما يأمران ولدهما بمعروف أو ينهيانه عن منكر ولا يمتثل لذلك؛ فإنه يكون عاقاً. وبالله التوفيق.