Loader
منذ سنتين

حكم رفع البنت صوتها على أمها، وحكم دعاء الأم عليها


الفتوى رقم (3872) من المرسلة السابقة، تقول: لي أخوات -هداهنّ الله- يرفعنّ أصوتهنّ على والدتي، وعلى إخوتي وأخواتي الأكبر منهنّ سناً، وقد نصحناهن كثيراً ولكن لا فائدة، وفي بعض الأحيان إذا غضبت والدتي عليهن تدعو عليهن، ونحن دائماً ندعو لهن، وندعو لوالدتي -جزاها الله خيراً- ألا تدعو عليهن؛ لأن دعوة الوالد مستجابة، هل أفعالها هذه رد فعل في مخاصمتها أمام أناس؟ وماذا يجب علينا أن نفعل تجاه هذا الأمر؟

الجواب:

        المشاكل التي تحدث داخل عائلةٍ ما من العوائل كهذه المشكلة المسؤول عنها، فلا بد من معرفة الأسباب التي نشأ عنها الضيق النفسي الموجود عند الأخوات اللاتي يرفعن أصواتهن على أمهنّ، أو على إخوانهنّ، فلا بد أن يكون هناك أسباب، فتعالج هذه الأسباب، وإذا لم يكن هناك سبب فإن الشخص الذي يحصل منه التعدي يُنصح، من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبلقبه. فتُبدى النصيحة لهنّ، ويخبرن بأن هذه الإساءة تكون سبباً في حصول الإثم عليهنّ، والرسول -صلوات الله وسلامه عليه- لما جاءه رجلٌ قال: « يا رسول الله، من أولى الناس بحسن صحبتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك ».

        فلا بد من رعاية حق الأم، والله تعالى يقول: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24)}[1]، وكما أن هذا متوجهٌ للأبناء نحو آبائهم وأمهاتهم، فكذلك الرسول -صلوات الله وسلامه عليه- يقول: « رحم الله والداً أعان ولده على بره »[2]. ويقول ﷺ: « ما نحل والدٌ ولداً نحلةًخيرٌ من حسن أدب ».

        فينبغي لولي الأمر أن يسعى في تأديب أولاده من الذكور والإناث، هذا من جهة، ومن جهةٍ أخرى يسعى في عدم العنت والمشقة عليهم؛ لأن بعض الأمهات بحكم أنها أم تكون لها سيطرة تصل إلى درجة الظلم، وكذلك الأب يكون له تصرفاتٌ بحكم الأبوة، يكون ظالماً في عمله هذا في أولاده، وحينئذٍ الذي ينصف المظلوم من الظالم هو الله -جل وعلا-، والله تعالى يقول: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ}[3]، ويقول -جل وعلا-: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)}[4].

        فلابد من التعاون بين أفراد الأسرة، كل واحدٍ يعرف الطريق السليم الذي يتعين عليه سلوكه فيسلكه، ويعرف الطريق المنحرف الذي يتعين عليه اجتنابه فيجتنبه، وإذا خرج عن الطريق فإنه يُنصح. وبالله التوفيق.



[1] الآيتان (23-24) من سورة الإسراء.

[2] أخرجه ابن وهب في الجامع(1/212)، رقم(138)، وابن أبي شيبة في مصنفه (5/219)، رقم(25415).

[3] الآية (47) من سورة الأنبياء.

[4] الآيتان (7-8) من سورة الزلزلة.