حكم قراءة سورة الفاتحة على روح الميت
- توحيد الألوهية
- 2021-09-28
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (1898) من المرسلة السابقة، تقول: هل تجوز قراءة سورة الفاتحة على روح الميت؟ لأن هذا العمل معروفٌ لدى جميع الناس، وعندما اعترضت عليهم ، وقلت أن هذا لم يكن على عهد الرسول ﷺ ولم يفعله جادلوني، وقال جماعةٌ منهم: إننا ذهبنا إلى الحج وقرأنا الفاتحة على روح النبي ﷺ عند قبره ولم يعترض أحدٌ هناك في بيت الله، وأنا شخصياً سمعت من برنامجكم نورٌ على الدرب أنها لا تجوز، كيف ذلك؟ أرجو شرح هذا الموضوع، وإعطائه أهمية كبرى لأن الجدل كثر في هذا ؛ ولأن بعض الناس يقولون: لا ندري ماذا نفعل عندما نذهب لنعزي في وفاة، هل نقرأ الفاتحة لأنها تصل إلى الميت؟ أريد جواب لأعرف الصح من الخطأ بارك الله بكم.
الجواب:
أولاً: أن قراءة الفاتحة على روح الميت لم تكن معروفةً في عهد الرسول صلوات الله وسلامه عليه، فلم يفعلها ولم يأمر بها خلفاؤه من بعده رضوان الله عليهم، لم يفعلوها له، وصحابته أيضاً لم يفعلوها له، والخلفاء لم يفعلها المتأخر منهم لمن مات متقدماً، وهكذا الصحابة -رضوان الله عليهم-، وهم خير القرون كما قال الرسول ﷺ: « خير الناس قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم »، قال الراوي: « فلا أدري أذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاث »، وبما أنه لم يثبت عن الرسول ﷺ ، ولا عن أحدٍ من خلفائه، ولا من أصحابه أنهم كانوا يفعلون ذلك، فيأتي الأمر الثاني وهو: أن هذا يكون من البدع، وقد ثبت عن رسول الله ﷺ أنه قال:« من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد »، وفي روايةٍ من « أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ».
ثانياً: أن ما جاء في السؤال من أن بعض الأشخاص زاروا المدينة فقرأوا الفاتحة على روح الرسول ﷺ ، فهذا بدعةٌ من جهتين:
من جهة قراءة الفاتحة على روح الميت وقد سبق.
ومن جهة قراءتهم ذلك على روح الرسول ﷺ، فإن الرسول صلوات الله وسلامه عليه قد شرفه الله وكرمه، وأعطاه من الأجر، على مثل أجور أمته الذين تبعوه إلى يوم القيامة، إضافةً إلى الأجر الخاص به ﷺ.
ثالثاً : لا يجوز للعبد أن يتقرب إلى الله جل وعلا بمعصيته، لا يجوز للعبد أن يتقرب بعملٍ سواء كان لنفسه أو كان لأحدٍ من الناس، لا يجوز له أن يتقرب بمعصيةٍ يعصي بها الله جل وعلا، فإنه يحصل على الإثم من هذا العمل بدلاً من أن يحصل على الأجر.
رابعاً: أن الطريقة المشروعة للتعزية هي: أن من أصيب بمصيبة، فإنه يُعزى في بيته أو في المسجد عندما يأتي بالجنازة أو في المقبرة، أو إذا وافقه شخص في الطريق، يدعو له ويدعو للميت، ويسأل الله أن يعوض الأحياء خيراً من الميت، ويعوض الميت خيراً مما فقده في حياته، فإن الله سبحانه وتعالى كريم.
وأما ما يفعله الناس من البدع التي ابتدعوها في التعزية من إقامة سرادقات وإقامة حفلات يأتي إليها كثيرٌ من الرجال وكثيرٌ من النساء، من محلاتٍ بعيدة ويقيمون ثلاثة أيام أو يقيمون أسبوعاً ويأكلون من مال المتوفى ، وقد يكون للمتوفى أولاد، قد يكونون قُصّر أو يكون من ورثته نساء، أو يكون قد أوصى مثلاً بثلث ماله، وحينئذٍ يكون أكلهم من هذه التركة محرماً ؛ لأنه لا يحل لهم أكله إلا بإذن من يملك الإذن شرعاً.
وقصدي من هذا هو: التنبيه على أنه يوجد في كثيرٍ من البلدان بدع للعزاء، وأن هذه البدع يجب على ولاة الأمور الذين في البلد التي توجد فيها هذه البدع أن يمنعوا الناس عن مزاولة هذه البدع، فإن هذا من المنكر، والرسول ﷺ قال: « من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه ».
فالناس ثلاث طبقات، طبقةٌ يستطيعون التغيير باليد، وهؤلاء هم ولاة الأمور الذين يملكون التنفيذ، وطبقةٌ ثانية يستطيعون التغيير بالبيان وهؤلاء هم أهل العلم الذين يعرفون الحلال والحرام ويبينونه للناس، والطبقة الثالثة هؤلاء الذين لا يستطيعون التنفيذ ولا يستطيعون أن يقولوا بألسنتهم لمانعٍ من الموانع الشرعية، فهؤلاء يكون التغيير عندهم بالنسبة لبغض الشر وبغض أهله، ولو حصل تكاتف من ولاة الأمور وكذلك من الشخصيات المعنية كرؤساء القبائل مثلاً، لو حصل منهم عناية في هذا الباب لما استمرت هذه البدع، وبالله التوفيق.