Loader
منذ سنتين

حكم بعض العادات التي تفعل عند تشييع الجنازة وحملها


الفتوى رقم (1812) من المرسل ج. أ. ن من جدة، يقول: الرجال بعد غسيل المتوفى وتطييبه حسب السُّنّة، وعندما يحملون المتوفى إلى المسجد، يحدث شيءٌ غريب، فمن وسط الغرفة التي كان يغسّل فيها الميت وحتى باب الغرفة نفسها، وهي مسافةٌ تصل إلى أربعة أو خمسة أمتار، نجدهم يحملون المتوفى ويضعونه على الأرض ثلاث مرات؛ أي: كلّ متر ونصف متر تقريباً مرة، وعندما يصلون إلى الباب يجعلون رأسه خارج الباب وبقية الجسد داخل الغرفة؛ أما بخصوص اللحاف الذي يُغطّى به الميت فإنهم يشترطون أن يكون من نوعٍ خاص، يسمّى دريهمي -صناعة اليمن- والبيت الذي لا يوجد به هذا اللحاف يُعدُّ صاحبه بخيلاً، وينظرون إليه نظرةً غير طبيعية. وعند دفن الميت فإنهم وبصوتٍ عالٍ يقولون: يا رحمن ارحمنا. ولم ألاحظ هذا الشيء في مناطق أخرى، ومن العجيب أنك تجد مشايخ تلك المدينة وقراها يحضرون حالات الوفاة؛ ولكنهم لا ينصحون المواطنين بما يجب عمله وفق الشريعة الإسلامية. وجّهونا ووجّهوهم جزاكم الله خيراً.

الجواب:

هذه المسألة فرعٌ من فروع قاعدة العرف، وقاعدة العرف متقررة في الشريعة، والشيء الذي أحبّ أن أنبّه إليه من جهة علاقة هذه المسألة بهذه القاعدة أنها من باب علاقة الضد؛ ذلك أن هذه القاعدة لا يتم إعمالها إلا في ما وافق أدلة التشريع وقواعده، ومقاصد الشريعة؛ أما إذا تعارف الناس على أمرٍ من الأمور، وكان هذا الأمر مخالفاً للأدلة الشرعية، أو مخالفاً لقواعد الشريعة ومقاصدها؛ فإن استعمال الناس له سواءً كان قولاً أو كان فعلاً لا يكون دليلاً على مشروعيته؛ لأن الذي يشّرع هو الله -جلّ وعلا، وقد انتهى التشريع بوفاة الرسول -صلوات الله وسلامه عليه-.

وبناءً على هذا فإن كثيراً من البلدان يوجد فيها أمورٌ اعتاد الناس عليها، وهي مخالفةٌ لكتاب الله، ولسنة رسوله ﷺ ، فما جاء في هذا السؤال هو من هذا الباب؛ لأن هذا العمل ليس له دليلٌ شرعيٌ يدل عليه، وقد ثبت عن رسول الله ﷺ أنه قال:« من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ».

 فإذا كان هؤلاء يفعلون ذلك على أنه من السنن المشروعة؛ فليس لهم دليلٌ يدل على مشروعية ذلك.

 وإن كانوا يفعلون ذلك بناءً على أنه توارثه المتأخر عن المتقدم؛ فإن توارث الأشياء التي لا يقرّها الشرع لا يكون أساساً لمشروعيتها، فكثيرٌ من الأمور التي يتعارف عليها الناس مخالفة للأدلة الشرعية، ويقضى عليها بالأدلة الشرعية، ولا يقال: إنها جائزةٌ بالنظر إلى تعارف الناس.

 فعلى سبيل المثال، وبخاصةٍ ما يتعلق بنوع ما سأل عنه السائل، ما اعتاده بعض الناس من الذبائح في اليوم الثالث بعد الوفاة، أو في اليوم السابع، أو في اليوم الأربعين، أو في يوم موته من كلّ سنة، في يوم موته من كلّ سنة يقيمون عشاء، ويحضرون المقرئين يقرؤون، وبعضهم يحضرون الطبول ويعملون رقصة؛ كلُّ هذا لم يأذن به الله -جلّ وعلا-.

وهناك أمور أخرى تعارف عليها الناس، وليست من بدع الجنائز، ولكنها داخلةٌ في مخالفة العرف الذي تعارف عليه الناس، مخالف للشريعة كما يوجد في بعض البلدان من اختلاط النساء بالرجال، ومن كشف الوجه، ومن مصاحبة الأجنبي للأجنبية من غير ما احتراز، لا يحترز أحدهما من الآخر مطلقاً؛ وإنما يكون ذلك من الأمور العادية.

وكسفر المرأة بدون محرم، وكخلوة الرجل بالمرأة، إلى غير ذلك مما هو موجودٌ في بعض البلدان.

المقصود أن ما تعارف عليه الناس وهو مخالفٌ للشرع، فإن تعارفهم عليه لا يكون دليلاً على شرعيته. وبالله التوفيق.