Loader
منذ سنتين

توجيه لمن يكتب في ثوابت الدين حتى أصبحت حمى مستباحاً


  • فتاوى
  • 2022-02-02
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (10495) من المرسل السابق، يقول: بعض الناس بدأ مع كل أسف يكتب كثيراً في المساس بثوابت الدين والحديث عنها حتى أصبحت حمى مستباحاً عن طريق الكتب والصحف والمجلات ومواقع الإنترنت، فما التوجيه لهؤلاء؟

الجواب:

        من المعلوم أن كل شخص ينتسب إلى علم من العلوم يجب أن تكون عنده بنية علمية كافية يستمد منها العلم الذي يُريد أن ينشره؛ سواء كان نشره من جهة القضاء، أو من جهة الإفتاء، أو من جهة التعليم، أو من جهة الكتابة في أي وسيلة من وسائل الإعلام، أو كان من جهة التأليف؛ لكن المشكل هو أن الشخص يتقمص شخصية شرعية وهو ليس من أهلها، فيتكلم في أصول الشريعة ويتكلم في فروعها وليس عنده بنية تحتية لذلك، فلو سألته هل حفظت القرآن الكريم؟ قال: لا، هل تعرف تفسير القرآن؟ يقول لك: لا، كم تحفظ من السنة؟ يقول: أنا لا أحفظ شيئاً، وما إلى ذلك، فإذا كان ذلك كذلك فكيف يسوغ للإنسان أن يتكلم؟

        ورحم الله شيخ الإسلام ابن تيمية حينما قال: "يُفسد الناس أربعة: نصف متكلم، ونصف متفقه، ونصف متطبب، ونصف نحوي".

        فنصف المتكلم هذا بالنظر إلى علم العقائد جملة وتفصيلاً يتعلم نصف العلم؛ ولكن يضع نفسه في أعلى درجات هذا العلم فيقول: إن نصف المتكلم هذا يُفسد الجنان؛ بمعنى: إنه يفسد القلب. ونصف المتفقه هذا يقول: إنه يفسد الأركان؛ بمعنى: إنه يحلل ويحرم على غير بصيرة. ونصف المتطبب يقول: هذا يفسد الأبدان تأتي إليه ويصف إليك دواء ويكون هذا الدواء قاتلاً. ونصف النحوي يقول: هذا يفسد اللسان؛ بمعنى: إنه يرفع المجرور ويجر المرفوع وما إلى ذلك، ويقول هذا ليس به شيء.

        وهذا كثيراً ما يأتي على ألسنة طلبة العلم حينما تقول له: هذا لا يجوز. يقول لك: يجوز، هذا ليس فيه شيء. فلابدّ أن تتوفر في الشخص البنية العلمية الصحيحة؛ وإلا فإن الله -سبحانه وتعالى- قال: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} إلى أن يقول: {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ}[1]. والله -تعالى- قال لرسوله ﷺ: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (47)}[2]. قال ﷺ: « من قال في القرآن برأيه أو بما لا يعلم فليتبوأ مقعده من النار »[3]، وقال: « من كذب عليّ متعمدًا فليتبوء مقعده من النار »، أو كما قال ﷺ.

        فواجب على الإنسان أن ينظر فيما يريد أن يقوله قبل أن يقوله، ويكون ما يقوله موافقاً لمراد الله -جل وعلا- ومراد رسوله ﷺ وإلا فليسكت لأنه ليس بحاجة إلى كثرة الذنوب الذي تُكتب في صحائف أعماله ويُعاقب عليها، وقد يخرج من الإسلام وهو لا يشعر؛ كما قال الرسول ﷺ: « يأتي فتن في آخر الزمان يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافرًا، ويمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا، يبيع دينه بعرض من الدنيا »[4]، ومن الفتنة ما يتخبط به كثير من الناس من الجناية على هذه الشريعة بوجوه مختلفة نسأل الله العافية. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (33) من سورة الأعراف.

[2] الآيات (44-47) من سورة الحاقة.

[3] أخرجه الترمذي في سننه، أبواب تفسير القرآن، باب ما جاء في الذي يفسر القرآن برأيه (5/199)، رقم(2951).

[4] أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب الحث على المبادرة بالأعمال الصالحة قبل تظاهر الفتن(1/110)، رقم(118).