Loader
منذ سنتين

حكم الجلوس في مكان تكثر فيه الغيبة وعدم القدرة على تغيير المكان؛ كالفصول الدراسية


  • فتاوى
  • 2021-12-11
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (3504) من المرسلة م. ع من تبوك، تقول: إذا كان هناك جماعة من الفتيات في مجلس غيبة وحاولت نصحهنّ، فلم يستجبنّ، ولا أستطيع تغيير مكاني؛ كما هو الحال في الفصول الدراسية، فكيف يكون العمل؟

الجواب:

يقول الله -جلّ وعلا-: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ"  إلى أن قال: "وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ"[1]، فلا شك أن الغيبة حرام، والغيبة هي ذكرك أخاك بما يكره.

فكون الناس من رجال، أو نساءٍ، أو رجال ونساء عندما يجلسون في مجلسٍ من المجالس يشتغلون في عيوب الناس الآخرين؛ لأنهم لا يذكرون عيوب الحاضرين، وإنما يذكرون عيوب أناسٍ آخرين، فلا شك أن هذا من الأمور المحرمة، فلا يجوز للإنسان أن يقدم عليه لأنه يكون آثماً، ومن كان حاضراً في هذا المجلس وجب عليه أن ينكر عليهم، فإذا لم يقبلوا الإنكار فيجب عليه أن يعتزل مجلسهم، لا يجوز له أن يجلس معهم.

ولكن ليس من هذا الباب ما يُحتاج إليه في بعض المواضع، فمثلاً شخصٌ خطب منه رجلٌ ابنته، فجاء يستشيرك، يقول: ما تقول بفلان؟ فتصفه له وتذكر فيه أموراً تكون مكروهة عند ذلك الشخص، يعني: أنه يكره إعلانها عنه، فهذا ليس من باب الغيبة؛ لأن ذكرك له أنت يكون من باب النصيحة. وهكذا لو جاء شخصٌ يستشيرك في بنتٍ يريد أن يتزوجها، وأنت تعلم عنها أموراً ليست بمحمودة، وتنبّهه على هذه الأمور، ليس هذا من باب الغيبة؛ ولكنه من باب النصيحة. وهكذا في سائر الولايات عندما يراد تولية شخصٍ، ويسأل عنه ويبيّن ما فيه من العيوب على اختلاف أنواع الولايات: ولاية الأذان، ولاية الإمامة، ولاية القضاء، يعني: وظيفة من وظائف الدولة، أو وظيفة من وظائف القطاع الخاص.

وكذلك ليس من هذا الباب ما يجري من جرح الشهود في مقام القضاء، يعني: إنسان شهد عنده شهود، وطُلب جرحهم، وأنت عندك ما يجرحهم، فلا مانع من الحضور عند القاضي، وجرح هذا الشاهد، فليس هذا من باب الغيبة، وإنما هو من باب النصيحة.

وليس من هذا الباب -أيضاً- ما يجري في علم الحديث من جهة جرح بعض رواة الحديث، وذكر بعض الأمور التي ليست بطيبة، ولا فرق في ذلك بين أن يكونوا أحياء أو أمواتاً؛ لأن هذا من باب النصيحة، وليس من باب الغيبة. فالمقصود هو التنبه إلى ما يكون من باب الغيبة، وما لا يكون من باب الغيبة.

وإذا لم تستطع مغادرة المجلس ولم يقبلوا منها، فالله -جلّ وعلا- يقول: "لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا"[2] تبقى في المجلس، فإذا تيسّر لها مغادرة المجلس تغادره؛ ولكنها لا تعيد الكرّة للجلوس معهن؛ لأنهن قد يعاودن هذا مستقبلاً. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (12) من سورة الحجرات.

[2] من الآية (286) من سورة البقرة.