Loader
منذ سنتين

أوصى والده عمه بتربيتهم، ورباهم ثم انقطع عنهم، وحكم انقطاع الولد عن أعمامه إذا كان يرى عندهم اختلاط ومنكرات


الفتوى رقم (5914) من المرسل أ.س.ح من اليمن، يقول: أنا شاب ملتزم توفي والدي وأنا عمري عشر سنوات، وقبل وفاته أوصى أخاه بتربيتنا وهو في الأصل عمي، وكملت بقية حياتي في بيت عمي وعندما كبرت تخلى عمي عنا، وأصبحت أعيش مع إخوتي وأمي في بيتٍ مستقل، وعندما أزور أعمامي أجد اختلاط النساء بالرجال، وعدم التقيد بشرع الله، هذا الأمر يصيب نفسي بالانزعاج والرفض من منطلق الدين الحنيف عندما لا أجد منهم تفهم لهذا الأمر، فبدأت أقطع صلتي بهم ولا أسلم عليهم وبعض أهلي أنكر عليّ ذلك، وقالوا: بل يجب أن تسلّم على زوجة عمك، فهي تعتبر في مقام أمك التي ربتك في بيتها مع العلم بأنني لم أرضع منها؛ وإنما كانت تؤكلني العيش، هل تعتبر زوجة عمي التي تربيت في بيتها محرماً لي؟ وهل عليّ ذنب في قطع صلة أعمامي جميعاً إذا كانوا بهذه الحال؟

الجواب:

        فيما يتعلق بالسائل عليه أن يشكر الله -جلّ وعلا- على فضله وإحسانه وتوفيقه له، حيث ذكر أنه ملتزم بأمور الدِّين، وأن الله يسّر له من يرعاه منذ أن كان عمره عشر سنوات حتى بلغ مبلغ الرجال، والذي رعاه هو عمه.

        وأما ما يتعلق بمعاملته لعمه فإنه يعامله معاملة حسنة، فإذا كان عمه على حالة طيبة من أمور الدِّين فهذا مما يزيد قوة الاتصال به، وإذا كان هذا الشخص يلاحظ عليه أموراً مخالفة للدِّين، وهذا الشخص على بصيرة من أمور دينه فيما وقع عمه فيه من مخالفة فإنه ينصحه ويبين له أن هذا العمل لا يجوز له، ولا فرق في ذلك بين ما يكون من باب الاعتقاد، أو باب القول، أو باب الفعل، أو باب الكف، أو باب الإنفاق من الأموال أو الكسب من الأموال، أو غير ذلك من الوجوه المحرمة، ويكرر نصحه في ذلك.

        وأما فيما يتعلق بحضوره لمواضع اختلاط النساء بالرجال فلا يجوز له أن يحضر ذلك، فقد قال -تعالى-: "وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ"[1].

        ومن قواعد الشريعة أن الوسائل لها حكم الغايات فوسيلة الواجب واجبة، والمحرم محرّمة، والمكروه مكروهة، والمندوب مندوبة، والمباح مباحة. والاختلاط وسيلة من وسائل حصول افتتان الرجل بالمرأة التي ليست بمحرم له، وافتتان المرأة بالرجل الذي ليس بمحرمٍ لها.

        أما ما يتعلق بخصوص زوجة عمه فبإمكانه أن يكافئها بوجوه من البر فيما يكون قادراً عليه من صلة بالمال، وبإمكانه -أيضاً- أن يسلم عليها ولكنه لا يصافحها، فإن الرسول ﷺ ما مسّت يده يد امرأة لا تحل له. ولما بايع النساء بيعة العقبة بايعهن بالكلام ولم يبايعهن بالمصافحة؛ وذلك أن المصافحة وسيلة من وسائل الوقوع في الافتتان بين الزوجين. وكما ذكرت قبل قليلٍ أن الوسائل لها حكم الغايات. وبالله التوفيق.



[1] الآية (68) من سورة الأنعام.