حكم الجلوس مع أقارب الزوج بدون تغطية الوجه
- لاعبرة بالعرف المخالف للشرع
- 2021-06-02
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (62) من المرسلة السابقة، تقول: الأمر الذي يحيرني ويشعرني بالذنب ليلاً ونهاراً، أنه بعد زواجي أصر زوجي أن أقابل أقاربه إخوانه وأولاد خالاته وليس لي خيار في ذلك، وأشعر دائماً أني أفعل ذنباً عظيماً، مع أني أتحجب ولا يظهر مني سوى وجهي وكفاي وقدماي، مع العلم أنهم يقيمون في بلد غير بلد أهله؟
الجواب:
هذه المسألة كثر السؤال عنها في مناسبات متعددة، فيوجد في بعض البلاد أن المرأة لا تتحجب من إخوان زوجها ولا من أعمامه ولا أبناء أعمامه ويأكلون جميعاً ويجلسون جميعاً، وقد يدخل العم أو ابن العم أو خال الزوج أو ابن خاله وليس عندها أحد، وهذه الظاهرة تعارف عليها كثير من الناس، والعبرة فيما دل عليه الشرع لا فيما تعارف عليه الناس إذا كان مخالفا للشرع.
وقد دلت الأدلة من الكتاب والسنة على وجوب الحجاب، وهذا العموم، وهذه الأدلة استدل بها على وجوب تغطية الوجه، فلا يجوز للمرأة أن تكشف وجهها ويديها لغير محارمها.
والعرف الذي مشى عليه بعض الناس في بعض الجهات عرف مخالف للأدلة الشرعية، ومن شروط العرف أي شروط الأخذ به ألَّا يخالف دليلاً شرعياً وألَّا يخالف قواعد الشرع، فإذا خالف دليلاً شرعياً أو خالف القواعد العامة فحينئذ لا يجوز الأخذ به؛ لوجود هذه المخالفة.
وكذلك التساهل في الدخول على المرأة إذا لم يكن عندها محرم، فيدخل عليها أقارب الزوج كالعم وابنه والخال وابنه إلى غير ذلك من أقارب الزوج، والرسول ﷺ يقول: « ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما » فقيل: يا رسول الله، أرأيت الحمو؟ قال: « الحمو الموت »[1].
والحمو قريب الرجل؛ لأنه يدخل من غير ريبة؛ أي أمام الناس، وإذا دخل من غير ريبة أمام الناس فقد يقع على المرأة ما لا تحمد عقباه.
ثم إن أمْر الشارع بالحجاب ونهيه عن دخول الرجل الذي ليس بمَحرم عليها، هذان الفرعان من الفروع الداخلة في قاعدة سد الذرائع، وقد جاءت الشريعة بسد الذرائع في مواضع كثيرة، ومن القواعد المقررة أن الوسائل لها حكم الغايات؛ ذلك أن المرأة إذا لم تتحجب، فإذا نظر إليها من لا يجوز أن ينظر إليها فقد تتعلق به ويتعلق بها، ويتدرج الأمر إلى وقوع الفاحشة عليها منه بسبب ترك الحجاب.
وهكذا في الدخول إلى المرأة على سبيل الخلوة، فقد لا يقع مكروه في بداية الأمر فيتدرج الأمر إلى وقوع المكروه.
المقصود أن هاتين المسألتين دلت عليهما أدلة خاصة، وأيضاً من جهة التشريع قاعدة سد الذرائع، فعلى المسلم أن يتقيد بتطبيق شرع الله فعلا، فيتبعه، وأن يتقيد بشرع الله من جهة ما نهى عنه الشارع فيجتنبه.
ثم إن هذه المرأة أشارت في سؤالها إلى أنها تتحجب ولا تترك إلا وجهها ويديها، فالوجه يجب تغطيته وكذلك اليدان، ولم أخصهما في نهاية الجواب بعد الكلام عليهما فيما سبق إلا من جهة أنها قالت إنها تتحجب ولم تكشف إلا وجهها ويديها، فأحببت التنبيه على ذلك لتفهم أن تغطية الوجه داخلة في العموم، وعلى الزوج أن يتقي الله تعالى فيما يتعلق بزوجته في جميع شؤونها، وبالله التوفيق.
[1] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب النكاح، باب لا يخلون رجل بامرأة إلا ذو محرم، والدخول على المغيبة(7/37)، رقم(5232)، ومسلم في صحيحه، كتاب الآداب، باب تحريم الخلوة بالأجنبية والدخول عليها(4/1711)، رقم(2172).