Loader
منذ 3 سنوات

رجل له أبٌ يسرف ويبذر الأموال على المعاصي. وأهل بيته لا يجدون الخبز، ما حكم الشرع إذا امتنع عن إرسال أي فلوس إليه


  • فتاوى
  • 2021-07-07
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (5221) من المرسل س. أ. ح، مصري مقيم في الرياض، يقول: أعمل في الرياض منذ ست سنوات، ولي بمصر أبٌ يبلغ من العمر خمسة وستين عاماً، وهو بكامل قواه العقلية، وهو من المسرفين والمبذرين، وإذا لم يجد أموالاً يقوم ببيع أي شيء من البيت؛ سواءٌ كان من الحيوانات أجلكم الله، أو الحبوب، أو أي شيء يمكن بيعه للإنفاق على المعاصي. وإخواني ووالدتي في البيت لا يجدون الخبز، وطوال هذه المدة أقوم بتسديد كلّ ما يستدينه من أهل القرية، وكلما أنصحه وأقول له: إن هذا حرام ولا يرضي الله يقوم بسبي ويقول: إنني حر وليس لأحد عندي شيء واخرج من بيتي. وكلما فكرت في الخروج فعلاً من البيت يمنعني بكاء والدتي وإخوتي فماذا أفعل معه والحال كما ذكرت؟ وهل أكون آثماً لو امتنعت عن سداد أي مبلغٍ يأخذه من الناس؟ وما حكم الشرع إذا امتنعت عن إرسال أي فلوس إليه حيث إنه سينفقها حتماً على المعاصي. جزاكم الله خيراً؟

 الجواب:

        هذه المسألة لها نظائر من واقع حياة بعض الناس. والجواب عنها من جهة الابن، ومن جهة الأب، ومن جهة أمه وأخواته، ومن جهة الحقوق التي للناس على الأب.

        فأما بالنظر إلى الابن فلا يجوز له أن يدفع لأبيه شيئاً من المال يستعين هذا الأب بالمال الذي يدفعه له ولده يستعمله في المعاصي؛ لأن هذا من التعاون على الإثم والعدوان، ولا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق. وعندما يدفع الابن لأبيه ما يستعين به على معصية الله يكون الابن آثماً، وعندما يحصل دعاء من الأب عليه فهذا دعاءٌ من ظالم ٍوالله لا يستجيب دعاء الظالم؛ لأنه ظالٌم في دعائه.

        وأما من جهة الأب فلا يجوز له أن يطلب من ولده ما يستعين به على محرم، ولا يجوز له أن يعصي الله بهذا المال؛ لأنه يحصل على غضب الله، ويحصل على الإثم الذي ينتظره إذا لقي الله جل وعلا.

        وأما من جهة الحقوق التي للناس فلا يجوز للابن أن يدفع هذه الحقوق للناس؛ لأنها حقوق محرمة إذْ هي عوضٌ عن معصية الله -جلّ وعلا- التي تصدر من الأب، فلا يجوز ذلك فقد تكون مهر بغي، وقد تكون قيمة مخدرات أو غير ذلك من المحرمات، ولا يضره ما يأتيه من كلام من الأب من سبٍ أو نحوه؛ فإن الأب ظالمٌ في ذلك.

        وأما ما يتعلق بالأم والأخوات فالابن يقرر في نفسه البقاء مع أمه وأخواته، ويتولى الصرف عليهم من كسبه بقدر ما تقتضيه الحاجة ولا يعطيهم نقوداً؛ وإنما يشتري لهم من الحاجات كلٌّ على حسب حاجته من كسوة ونفقة؛ لأنه إذا أعطاهم النقود فقد يغلبهم الأب عليها ويأخذها. وعلى هذا الابن أن يشكر نعمة الله -تعالى- عليه حيث جعله على بصيرة من أمره، يميز بين الحق ويتبعه، ويميز بين الباطل ويبحث عن طرق اجتنابه. وقد قال الله -جلّ وعلا-: "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ"[1]، ويقول -جلّ وعلا-: "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا"[2]، ويقول ﷺ: « من ترك شيئاً لله عوّضه الله خيراً منه ». وبالله التوفيق.



[1] من الآيتين (2-3) من سورة الطلاق.

[2] من الآية (4) من سورة الطلاق.