Loader
منذ 3 سنوات

إرشاد من يواجه من أهله مضايقة أو استهزاء بسبب الحجاب و الالتزام بالدين


  • فتاوى
  • 2021-09-20
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (1637) من المرسلة هـ. ح. ف العراق -من محافظة البصرة الواقع، تقول: أنا شابة وعمري سبع عشرة سنة، قبل سنة تحجّبت، وأقمت الصلاة، وآتيت الزكاة، وصمت رمضان المبارك، وقد واجهت بعض العقبات والاستهزاء من أهلي؛ ولكني صبرت، لكني مع هذا -أيضاً- بحاجة لمزيد من نصحكم؛ ولاسيما وأنه قد يشاركني في هذا كثيٌر من الفتيات.

 الجواب:

كثيرٌ من جنس ما سألت عنه السائلة واقع، ومما يؤسف له أن المضايقة لها قد تكون من أبيها، أو من أمها، أومن أخيها، أومن بعض إخوانها، أو من بعض أخواتها، أو ممن له سلطةٌ عليها بحكم عمله الذي ترتبط به؛ كما يقع من الأشخاص الذين يقومون بإدارة بعض الأجهزة التي يوجد فيها نساء، فتحصل الغاية للمرأة، ويحاول معها أن تخرج من الاتصاف بالصفات الشرعية.

ومن ذلك مسألة الحجاب فبعض الآباء يمنع ابنته من التحجب، والأم تمنعها من التحجب، وزوجها يمنعها من التحجب.

 وقد سألتني زوجة شخص ما، فقالت : إن زوجها فرض عليها أن تكشف وجهها لإخوانه، وإلا فسيضطر إلى طلاقها، ويقول لها: إذا تحجبتِ عن إخواني، فهذا يعني أنك تكرهينهم؛ وهذا جهلٌ في حكم هذه المسألة في الشريعة، وعدم القيام بما يجب على الزوج نحو زوجته، فهو مأمورٌ بالمحافظة عليها من جميع الجوانب، ومن أهم الجوانب: المحافظة على عرضها؛ وكشف الوجه وسيلة من الوسائل التي يمكن أن تكون طريقاً للوقوع من المرأة أو عليها فيما حرّم الله -جلّ وعلا-، ولهذا نجد أن الشارع حافظ على كرامة المرأة، وسدّ جميع المنافذ التي يمكن أن يدخل معها أو مع إحداها، ويترتب من الدخول قذف المرأة، فنجد أن الرسول ﷺ ما صافح امرأة قط لا تحل له، وعندما حصلت البيعة بينه وبين النساء، بايعهن كلاماً، وهو القدوة الحسنة والقدوة المعصومة. ونجد -أيضاً- أن الرسول ﷺ « نهى المرأة عن السفر بدون محرم » ٍوهذا من أجل المحافظة على كرامتها. ونجد -أيضاً- أن الشارع نهى عن الخلوة بها؛ فقال:« ما خلا رجلٌ بامرأة، إلا كان الشيطان ثالثهما، قالوا: يا رسول الله، أرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت »، يعني: قريب الزوج؛ كعمه مثلاً، أو ما إلى ذلك؛ لأنه يدخل بدون ريبة، فإذا دخل عليها، وليس عندها أحد قد يقع منه مالا تحمد عقباه. إذا ارتفعت الحصانة الدينية عنه وعن المرأة؛ لأنه عنده داع لها، وعندها داع له، فإذا ضعفت الرقابة البشرية، وضعفت الحصانة الدينية؛ يقع مالا تحمد عقباه. وأمر الله بغض البصر بالنسبة للرجل وبالنسبة للمرأة، فقال الله تعالى:"قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ"[1]، ولم يقل: يغضوا أبصارهم؛ لأن هذا متعذر؛ لكن قال:"قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ"[2]، وقال:"وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ"[3]؛ لأن الشخص قد يقع نظره من أول وهلة؛ ولكن هذا لا يكون فيه إثم؛ وإنما الإثم يكون فيما قصد: إذا قصد النظر يعني ترتب النظر على القصد غير المشروع؛ فيكون آثماً؛ أما النظرة الأولى التي تكون من باب المفاجأة غير المقصودة؛ فهذه ليس فيها إثم.

        المقصود أن الشارع حافظ على كرامة المرأة من وجوه ٍكثيرة، وذكرت جملة ً من الأمثلة في ذلك، وعلى كلّ ولي امرأة أن يتقي الله فيها من جهتين:

   أما الجهة الأولى: يحملها على تطبيق شريعة الله فيما يخصها.

والجهة الثانية: لا يلجئها إلى ارتكاب ما حرّم الله -جل وعلا-؛ كما سبق من بعض الأمثلة من جهة الأب الذي يمنع بنته من الحجاب، والزوج الذي يفرض على زوجته أن تكشف وجهها عند غير محارمها، فليتق الله الرجال في النساء، « وكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته »، والله -جلّ وعلا- يقول:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ"[4]. وبالله التوفيق.


[1] من الآية (30) من سورة النور.

[2] من الآية (30) من سورة النور.

[3] من الآية (31) من سورة النور.

[4] الآية (6) من سورة التحريم.