Loader
منذ سنتين

كيف ننمّي الملكة الفقهية في طلب العلم؟


الفتوى رقم (12351) من المرسل السابق، يقول: كيف ننمّي الملكة الفقهية في طلب العلم؟

الجواب:

الشخص يرغب في العلم ولكنه لا يسلك طريقه من جهة، ولا يختار الكتب اختياراً تدريجياً من جهة ثانية، ولا يختار المعلم الذي يعلمه هذا العلم، ولا يكون عنده قصدٌ حسنٌ لطلب العلم، وقد لا يسلك مسلكاً معتدلاً في حياته. قد يسلك مسلك الإفراط أو يسلك مسلك التفريط، وقد يقع منه أمور غير محمودة من جهة الله أو من جهة الخلق؛ بمعنى: إنه قد تحصل منه معاصٍ: معاصٍ في ترك الأوامر، أو معاصٍ في فعل الأمور المحرمة؛ بمعنى: إنه لا يمتثل الأوامر ولا يمتثل النواهي، فيتجاوز فيترك المأمور به وهو واجب، ويتجاوز في المنهي عنه وهو محرم فيفعله، وتكون هذه المعاصي مانعاً من الموانع التي تمنع هذا الشخص من المضي في طلب العلم من جهة.

ومن جهة ثانية قد تحول بينه وبين الفهم السليم؛ ولهذا يقول بعض السلف: "إذا عصيت الله عرفت ذلك في سوء خلق دابتي وزوجتي".

وأصل هذا متقرر في القرآن من أدلة كثيرة، فقوله -جل وعلا-: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ}[1] {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ}[2] {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ}[3] هذا جانب.

الجانب الآخر قوله -جل وعلا-: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ}[4]، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا}[5]، {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا}[6]، {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا}[7]؛ إلى غير ذلك من الآيات؛ وكذلك من جهة السنة كلها مقررة لهذه القاعدة بأن المعاصي لها أثر في سير طالب العلم في طريقه، وتجنبها له -أيضاً- أثر في طريقه.

فأثرها الأول أنه تحول بينه وبين الاستمرار، وأثرها من الجانب الثاني عندما يحرص على امتثال الأوامر واجتناب النواهي يسير في الطريق ويفتح الله له من أبواب العلم أموراً ما كانت تخطر في باله ابتداءً. ولهذا الآية التي سبق ذكرها: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ}[8]، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا}[9]. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (41) من سورة الروم.

[2] من الآية (79) من سورة النساء.

[3] من الآية (30) من سورة الشورى.

[4] من الآية (282) من سورة البقرة.

[5] من الآية (29) من سورة الأنفال.

[6] من الآية (4) من سورة الطلاق.

[7] من الآية (2) من سورة الطلاق.

[8] من الآية (282) من سورة البقرة.

[9] من الآية (29) من سورة الأنفال.