Loader
منذ سنتين

حكم مطالبة الولد أعمامه بميراثه من أبيه


الفتوى رقم (4601) من المرسل أ. م من سوهاج - مصر، يقول: والدي سامحه الله قام بطلاق والدتي منذ صغري، وقامت والدتي جزاها الله خيراً وأثابها خير الثواب بتربيتي حتى كبُرت، فلما توفي والدي -رحمه الله- قمتُ بمطالبة أعمامي بنصيبي الشرعي في ميراث والدي، فرفضوا في بداية الأمر بحجة أنني لم أكن معهم وأن أمي هي التي أخذتني، مع العلم يا فضيلة الشيخ أن عمري وقتها لم يتعدى الشهور الأولى، وحينما طالبتُ بالميراث كنتُ بلغت السن القانوني، المهم وحتى لا أطيل عليكم لجأتُ إلى عمدة القرية والشرطة، وبعد جدلٍ ومعاناة أعطوني جزءً من الميراث، وقالوا لي هذا هو ميراثك من والدك، مع العلم يا فضيلة الشيخ أن الوريث الوحيد لوالدي هو أنا ولي أخت شقيقة، أخذوا الباقي، وحتى هذا الوقت لا زالوا مُصرين، وقاطعوني ولم يصلوني، وأنا كذلك قاطعتهم، هل من توجيه كلمة إلى كل من تسول له نفسه بأكل أموال اليتامى ظلما؟ وهل بذلك أكون أنا قاطعٌ رحم وأكون آثم؟ وهل يكون أعمامي آثمين لأنهم قاطعوني وأخذوا باقي نصيبي؟ وهل من توجيه كلمة إلى أهل السوء حيث يوجد في قريتنا بعض أهل السوء ومن لهم نفوذٌ يُساندون أعمامي؟

الجواب:

        الأموال التي يضع الشخصُ يده عليها، والأموال التي تنتقل منه إلى غيره تكونُ داخلةً ومنتقلةً بأسباب شرعية، وتكون داخلةً ومنتقلةً بأسباب ليست بشرعية.

        وإذا كانت الأموالُ داخلةً بأسبابٍ شرعية، كدخول الأموال بالأعمال التجارية وبالميراث الشرعي، فإنها تكون ملكاً للشخص الذي يستحقها، وهكذا إذا انتقل المال منه بأسباب شرعية فحينئذٍ يكون انتقالها ليس فيه أثمٌ.

        أما إذا دخلت الأموال بأسبابٍ غير شرعية مثل الأموال التي تدخلُ على الشخص بالتعامل بالربا أو التعامل بالغش التجاري أو التعامل بالأشياء المحرمة مثل الخمر وما إلى ذلك، فهذه أسبابٌ ليست بمشروعة أصلاً لكسب المال بل هذه الأموال يمنع اكتسابها شرعاً.

        وعلى هذا الأساس لا يجوز للشخص أن يكون طرفاً فيها لا بائعاً ولا مشترياً ولا مساعداً، لا كاتباً ولا شاهداً ولا محامياً، الرسول ﷺ قال: «لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه» وقال: «هم في الإثم سواء»، وهكذا بالنظر للأموال التي تدخلُ على الشخص بمثل ما سأل عنه السائل؛ يعني: يكون حق لوالده عن طريق الشركة مع إخوانه، أو عن طريق ميراثه مع أبيه وأبيهم، وبالنظر إلى قوتهم وضعفه يتسلطون عليه، ويأخذون حقه فهذا لا يجوز، وليحذر الشخص من الظلم؛ لأن الرسول ﷺ يقول: « إن الله ليُملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته »[1]، ثم قرأ: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ}[2].

        وأما انتقال المال من الشخص بطريق غير مشروع؛ فكالرشوة يدفعها الإنسان من أجل أن يستحل بها أمراً مُحرماً؛ يعني: من أجل أن يحرم حلالاً أو يحلل حراماً.

        فالمقصود أن أسباب التملّك مشروعة، وأسباب انتقال المال مشروع، وعلى المسلم أن يتقيد بالأسباب التي يتملّك بها المال فيقتصر على المشروع والأسباب التي ينتقل بها المال منه فيقتصرُ أيضاً على الأسباب المشروعة، وليعلم أنه إذا كسب المال من غير طرقه الشرعية أو نقل المال من غير طرقه الشرعية كما سبق في الأمثلة فإنه يكونُ آثماً. وبالله التوفيق.



[1] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب تفسير القرآن (6/74)، رقم (4686)، ومسلم في صحيحه، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم (4/1997)، رقم(2583).

[2] الآية (102) من سورة هود.