الطريقة المثلى في حفظ كتاب الله -جلّ وعلا-
- حفظ القرآن ومراجعته
- 2022-01-27
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (9440) من مرسلين متعددين يسألون عن الطريقة المثلى في حفظ كتاب الله -جلّ وعلا-.
الجواب:
لا شك أن من توجد عنده رغبة لحفظ القرآن وييسر الله له حفظه أنها نعمة من نعم الله -جلّ وعلا-؛ لأن القرآن خير قرين للإنسان في الدنيا وفي البرزخ؛ وكذلك في جميع مواقف القيامة.
والشخص يرغب في حفظ القرآن؛ لكن قد يحفظ القرآن دون فهم لمعانيه، فالقرآن على أربعة أوجه:
الوجه الأول: ما تعرفه العرب من لغتها.
والوجه الثاني: ما لا يعذر أحدٌ بالجهل به، كقوله -تعالى-: (ولا تقربوا الزنا، ولا تقربوا مال اليتيم، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق).
والوجه الثالث: ما يعلمه العلماء.
والوجه الرابع: ما استأثر الله -جلّ وعلا- بعلمه.
وعلى هذا الأساس فالشخص عندما يريد أن يحفظ القرآن يبدأ من سورة البقرة. سورة البقرة تشتمل على أربعين موضوعاً، كلّ موضوعٍ محدد بكلمة (عين) عن الموضوع الآخر في بعض المصاحف التي تطبع في ألمانيا، أو تطبع في تركيا؛ وكذلك تطبع في المدينة المنورة، فتجد آياتٍ محددة بكلمة (عين) على رأس الآية؛ وكذلك بجانب هذه الآية من أعلى الصفحة من ناحية اليمين مثلاً. بعدما يحدد الآيات ينظر إلى ما اشتملت عليه من المفردات اللغوية التي يحتاج إلى معرفة معناها، ومما يساعده على ذلك الحصول على كتاب مفردات الراغب الأصفهاني، فإن هذا كتابٌ قيّمٌ في بيان مفردات غريب القرآن، وبعدما ينتهي من معرفة المفردات ينظر في هذه الآيات هل ورد لها سبب نزول؟
فإن القرآن ثلاثة أقسام:
القسم الأول: ما ذكر الله سبب النزول في أول الآية؛ مثل: يسألونك عن الساعة، يسألونك عن المحيض، إلى غير ذلك من الأسئلة التي جاءت في القرآن.
والقسم الثاني: ما نزل ابتداءً.
والقسم الثالث: ما نزل على سببٍ؛ ولكن السبب لم يذكر في القرآن ولكنه ثابت، فعلى الشخص أن يستعين بمعرفة أسباب النزول بالكتب التي ألفت في أسباب النزول، ومنها كتاب: (لُباب النقول في معرفة أسباب النزول).
ثم بعد ذلك ينظر إلى هذه الآيات هل دخلها نسخٌ أم لا؟ يعني: هل كلها محكمة أم أنه دخلها نسخٌ، وإذا دخلها نسخٌ فما الحد المنسوخ منها وما الناسخ لهذا؟ ويستعين الإنسان بكتب الناسخ والمنسوخ، ومن أوسعها كتاب الناسخ والمنسوخ في القرآن لابن النحاس.
وبعدما ينتهي من هذه المرحلة ينظر -أيضاً- في علامات الوقف التي اشتملت عليها الآيات، ويفهم كلّ جملةٍ من الجمل وضع عليها علامة وقف واجب أو وقف مندوب، وإذا كان الوقف مكروهاً أو محرماً فإنه ينتقل منه من هذا الموقف إلى الموقف الآخر، وعلى هذا الأساس يفهم معنى هذه الجملة على هذا الوضع، ثم بعد ذلك يفهم المعنى العام لهذه الآيات. ويمكن الرجوع إلى تفسير الشيخ عبد الرحمن ابن سعدي -رحمه الله- فإنه يساعده على الفهم العام للآيات.
ثم بعد ذلك ينظر في هذه الآيات هل اشتملت على شيءٍ من الأحكام، ويستعين بكتب أحكام القرآن، ومنها كتاب أحكام القرآن لابن العربي؛ فإنه كتابٌ قيمٌ في موضوعه.
ثم بعدما ينتهي من هذه الأمور يرجع إلى هذه الآيات ويحفظها ويكررها بقدر ما يكون قد حفظها يقيناً؛ لأن بعض الناس يحفظ بتكرار خمس مرات، عشر مرات، عشرين مرة، وبعضهم يحتاج إلى خمسين مرة، فكلّ شخصٍ على حسب طبيعته.
بعدما ينتهي من حفظ الآيات على هذا الوضع يبدأ في قراءتها في صلاته السرية إذا كان منفرداً في صلوات التطوع، صلاة الضحى، راتبة الظهر قبلها وبعدها، وراتبة المغرب، وراتبة العشاء، وراتبة الفجر؛ وكذلك صلاة الليل يقرأ الآيات التي حفظها؛ وذلك من أجل سهولة ثبوتها في الفكر. وبإمكانه
-أيضاً- أن يكررها حتى ولم يكن في صلاة؛ لأن الغرض هو التأكد من ثباتها في فكره، وسهولة استرجاعها في أي وقتٍ شاء. ويسير في القرآن على هذه الطريقة. وبالله التوفيق.