Loader
منذ سنتين

ضابط قاعدة الضرورات تبيح المحرمات وكيف أعرف أن هذا الأمر ضروري؟


  • الرخص
  • 2022-03-04
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (11684) من مرسل لم يذكر اسمه، يقول: ما الضابط لقاعدة الضرورات تبيح المحرمات؟ وكيف أعرف أن هذا الأمر ضروري، وبالتالي يبيح لي المحرم؟

الجواب:

هذه القاعدة هي من القواعد المتعلقة بالرخص، ومن أجل أن يتضح هذا الموضوع أحب أن أبين أن هذه الشريعة الأصل فيها العزائم.

والعزيمة معناها الاصطلاحي: ما ثبت على وفق دليل شرعي خالٍ عن معارض راجح.

أما الرخصة: فإنها ما ثبتت على خلاف دليل شرعي لمعارض راجح.

فإذن: جميع الرخص التي جاءت في الشريعة هي عبارة عن عوارض للعزائم التي جاءت في الشريعة.

وإذا نظرنا إلى الشريعة وجدنا أن كل أمر شَرع الله فعله أو نهى عن فعله لابد أن يكون هذا الأمر مقترناً بمشقة تناسبه.

فعندما ننظر إلى مشقة الجهاد، ومشقة صيام رمضان، ومشقة الصلوات الخمس؛ وهكذا أي فرع من فروع الشريعة تجد أن الإتيان به مقترن بمشقة تناسبه.

وهكذا بالنظر إلى الأمور التي نُهي عن فعلها لابد من مشقة تناسبها. وهذه يسميها العلماء المشقة المعتادة. وسموها معتادة ؛ لأن الأمر لا ينفك عنها.

ولما كان جانب التطبيق بالنظر إلى المكلفين يعترضه أن المكلف عندما يفعل العزيمة تكون هذه العزيمة مقترنة بمشقة درجتها أعلى من درجة المشقة المعتادة.

ومن رحمة الله -جل وعلا- بخلقه أنه شرع الرخص، والرخص فيها تخفيف على الناس.

فقد يكون هناك رخصة إسقاط؛ مثل: إسقاط الصلاة عن الحائض والنفساء.

أو يكون رخصة تخفيف؛ مثل: قصر الصلاة: (الظهر والعصر والعشاء من أربع إلى ثنتين للمسافر).

وقد يكون الإنسان في أمسّ الحاجة إلى شرب شيء محرم ؛ لأنه لو ترك شربه لمات، أو يحتاج إلى أكل ميتة ؛ لأنه لو لم يأكل منها يموت.

ولهذا يقول -جل وعلا-: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ}[1] إلى آخر الآية وذكر فيها الاضطرار؛ بمعنى: إن الإنسان إذا اضطر إلى هذه الأمور فلا مانع منها؛ ولكن لابد من التنبيه على أمر وهو أن هذا الشخص عندما رخّص الله له في هذا الأمر فإنه يتناول منه بقدر ما يدفع ضرورته فقط ولا يتوسع في ذلك.

فإذا فرضنا أن شخصاً يأكل من اللحم إذا كان حلالاً يأكل منه أربعة كيلوات، ثلاثة كيلوات، خمسة كيلوات؛ لكن يدفع ضرورته كيلو واحد فلا يجوز له إلا هذا المقدار وهو الكيلو.

فعلى هذا الأساس عندما يقع الإنسان في ضرورة فإنه لا مانع من استباحته للأمر المحرم.

لكن يستثنى من ذلك الشرك بالله -عزوجل- فإن الشرك بالله لا يباح من أجل الضرورة.

وكذلك بالنظر إلى الزنا بالنسبة للرجل فإنه لا يباح له للضرورة، فلا يقول: أنا لا أستطيع أن أتزوج فأنا في ضرورة إلى ذلك فلا يصح أن يقال له: لا مانع من أن تعمل الزنا بناء على قاعدة الضرورات تبيح المحظورات.

وكذلك قتل النفس بغير حق لا يجوز للإنسان أن يقدم عليها بناء على الضرورة.

وهذا الموضوع فيه كتب مؤلفة كثيرة ومتداولة في السوق، فبإمكان السائل وغيره اقتناء هذه الكتب والرجوع إليها؛ لأنه موضوع مفيد. والبرنامج لا يتسع لأكثر من هذا الكلام. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (3) من سورة المائدة.