Loader
منذ 3 سنوات

حكم دخول الغريب بدون إذن الزوج


الفتوى قم (6526) من المرسلة أ.غ. تقول: في هذا العصر كثر الذين يظنون ظن السوء في زوجاتهم وبناتهم حين يأتي رجل أجنبي في غيبة صاحب المنزل يظلمون هذه البنت أو تلك المرأة؛ وذلك بسبب تعاطي المخدرات وهم لا يعلمون، فماذا تنصحونهم؟

الجواب:

        من المعلوم أن الرجل راعٍ في بيته ومسؤولٌ عن رعيته، والمرأة راعيةٌ في بيت زوجها ومسؤولةٌ عن رعيتها، ومن مسؤولية الرجل أن يقوم بالحقوق الواجبة عليه نحو هذه الرعية من ذكورٍ وإناثٍ كلٌ فيما يخصه، ويتجنب الأمور المحرمة بالنسبة لكلّ فردٍ من أفراد هذه الرعية، ومن ذلك الظن السيء.

        فلا يجوز للإنسان أن يظن ظن سوء بزوجته أو بولده أو بابنته لقوله -تعالى-: "إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ"[1]، ولكن ليس معنى هذا أن يجُرد الأب من الرّقابة على زوجته وعلى أولاده من ذكورٍ وإناث، فمراقبته لهم داخلة في مسؤوليته، فيحصل تعاون بينه وبين زوجته على هذه الرقابة؛ لأن هذه الرقابة فيها مصلحةٌ له ولزوجته ولأولاده وللمجتمع أيضاً. أما دخول رجل أجنبي في بيته دون إذنه هذا لا يجوز، لا يجوز لزوجته أن تدخل في بيت زوجها رجلاً ليس بمحرمٍ لها وليس بمحرمٍ لبناتها ؛ لأن الرجل الذي ليس بمحرم ليس بمأمون؛ ولهذا قال ﷺ: « ما خلا رجلٌ بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما، قالوا: يا رسول الله أرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت! »، والحمو هو أخو الزوج يدخل على زوجة أخيه في غيبة أخيه فماذا يحدث؟ وهكذا إذا دخل رجلٌ أجنبي على زوجة الرجل أو دخل على بنته، ما الداعي إلى دخوله؟ ليس فيه حاجةٌ أصلاً لهذا؛ فيكون دخوله وقت مجيء المسؤول عن هذه الأسرة، أما أنه يدخل في غيبته وقد يتكرر دخوله ويقال: لا تظن بهذا الرجل ظن سوء، ولا تظنوا بأهل هذا البيت من الإناث ظن سوء، فهذا سببٌ منعقدٌ لظن السوء؛ لكن ظن السوء المذموم هو الذي لم تنعقد أسبابه، أما إذا انعقدت الأسباب فهذه الأسباب هي التي تجعل الإنسان يظن ظناً سيئاً. وبالله التوفيق.

        المذيع: في إشارتها إلى تعاطي المخدرات من بعض الناس، هل لكم من توجيه؟

        الشيخ: أما ما أشارت إليه من ناحية تعاطي المخدرات، فإذا كان المتعاطي للمخدرات هو رب الأسرة وهو المسؤول عن رعيتها؛ فلا شك أن تعاطيه للمخدرات يؤثر على أدائه لمسؤوليته في الرعاية، فيقصّر في الواجبات، وقد يرتكب شيئاً من المحرمات في حالة دخوله للبيت وهو متعاطٍ للمخدر، أو يتعاطى المخدر في البيت، فإذا حصل منه الكلام من ناحية الظن في حالة تعاطيه للمخدرات فإن هذا ليس له أثر ؛ لأنه قد فقد عقله، وهو يهذي بهذا الكلام من غير عقلٍ. وبهذه المناسبة فإن الشريعة جاءت بالمحافظة على الضروريات الخمس، ومنها المحافظة على العقل. والمحافظة على العقل تكون بتوفير ما يكون فيه مصلحة للعقل، والامتناع عمّا يكون فيه مضرة على العقل، فلا يجوز للإنسان أن يتعاطى ما يضر بعقله. ومما يؤسف له أن بعض الرجال يحمل زوجته على أن تتعاطى المخدرات معه، ولا شك أنه أمرٌ لا يجوز له بالنسبة لها، ولا يجوز النسبة لزوجته؛ لأن الله ائتمنه عليها في دينها، وفي بدنها؛ وكذلك في نفسها، وفي عرضها؛ وكذلك في عقلها، فلا يجوز له أن يمنع عنها ما أوجبه الله عليه، ولا يجوز له أن يوصل إليها ما حرم الله -جل وعلا- عليه. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (12) من سورة الحجرات.