تفسير قوله تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}
- التفسير
- 2021-12-17
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (4153) من المرسل م من الدوادمي، يقول: ما تفسير قول الحق -تبارك وتعالى-: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}[1].
الجواب:
هذه الآية فيها بيان أن المخاطبين بهذا القرآن عليهم أن يتدبروا هذا القرآن، وتدبر القرآن يحتاج إلى معرفة الوسائل التي يستعان بها على معرفة معانيه، وما أراده الله من هذه الآيات من المعاني.
وهذه الوسائل كثيرة ؛ فمنها ما يتعلق بمعرفة رسم القرآن، ومنها ما يتعلق بمعرفة مفردات القرآن من جهة الدلالة الوضعية الأصلية بالكلمة، ومن جهة الدلالة الاستعمالية لهذه اللفظة المفردة، وهذا يرجع فيه إلى علم اللغة من جهة الدلالة الوضعية، وكذلك من جهة تصريف الكلمة، ومن جهة اشتقاق الكلمة، وكذلك من جهة علم فقه اللغة فيما يتعلق بالمفردات، فعلم الوضع، وعلم التصريف، وعلم الاشتقاق، وعلم فقه اللغة، هذه تخدم المفردات من جهة معانيها، وهي وسائل لمعرفة معاني المفردات.
وهناك وسائل لمعرفة التركيب، فمن هذه الوسائل: علم النحو، وعلم البلاغة، فهذان العلمان عندما يتعلمهما الشخص على وجه صحيح، يخدمان الجمل في القرآن من ناحية معرفة معناها.
ومن الوسائل معرفة أسباب النزول، ومعرفة الناسخ والمنسوخ، ومعرفة أصول علوم القرآن على وجه العموم، وكذلك معرفة ما يتصل بتفسير الآية من جهة السنة، وكذلك معرفة ما يساعد على تفسير الآية من القرآن، فإن القرآن يفسر بعضه بعضاً.
وجميع هذه الوسائل التي ذكرتها يحتاج الشخص إلى أن يكون على اطلاع بها، وحينئذ عندما يتدبر القرآن يكون تدبره في محله.
أما الأشخاص الذين يصورون بعض المعاني لبعض الآيات على سبيل التخرص ، فهذا قول بالقرآن من جهة الرأي، فمن قال بالقرآن برأيه، أو بما لا يعلم فليتبوأ مقعده من النار، فعلى الشخص أن يأخذ بهذه الوسائل التي ذكرتها يتعلمها، ثم بعد ذلك يسعى إلى تدبر القرآن، مع أن تدبر القرآن أربعة أصناف:
الصنف الأول: لا يعذر أحد بالجهل به، وهذا مثل: { وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا}[2]، {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ}[3]، و {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ}[4]، هذا بمجرد ما يقرأ الإنسان الآية يفهم أن هذا الأمر يجب اجتنابه، وهكذا الأمر بالصلاة، والأمر بالزكاة، وما إلى ذلك.
الصنف الثاني: ما تعرفه العرب من لغتها، مثل: الزنيم، والخرطوم، وما إلى ذلك.
والصنف الثالث: ومنه ما يعرفه العلماء.
والصنف الرابع: ومنه ما استأثر الله -جل وعلا- بعلمه، فمما استأثر الله -جل وعلا- بعلمه الله، حيث يقول: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}[5] ويقول الله -جل وعلا-: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (47)}[6]. هذا بالنظر إلى الرسول ﷺ.
فالمقصود أنه يجب على الإنسان أن يتأدب مع هذا القرآن، وأن يستخدم الوسائل التي تعينه على ما يحتاجه إلى فهمه. وبالله التوفيق.