Loader
منذ سنتين

حكم الكذب وتساهل الكثير منه


الفتوى رقم (9044) من المرسل السابق، يقول: انتشر الكذب بين الناس مع الأسف الشديد، ويتذرع بعضهم ببعض صور الكذب المباحة شرعاً، ما توجيهكم فيمن يتساهل فيه؟

 الجواب:

        من الظواهر في كثيرٍ من بني آدم هو عدم التطابق بين قلبه وقالبه؛ لأن الناس ثلاثة أصناف:

الصنف الأول: من يتطابق قلبه مع قالبه، وهذا مؤمن.

والصنف الثاني: من يتطابق قلبه ولسانه على الكفر، فهذا كافر.

والصنف الثالث: من يختلف قلبه عن قالبه، وهذا هو المنافق سواءٌ كان النفاق نفاقاً أكبر، أو كان النفاق نفاقاً أصغر.

        وعندما ننظر إلى هذا السؤال نجد أنه من هذا الباب، فإن الشخص يستعمل اليمين ويكون كاذباً أو يكذب ابتداء بدون يمين، والكذب مشروعٌ بين الرجل وزوجته، وفي إصلاح ذات البين، وكذلك الجهاد في سبيل الله، هذه الأمور الثلاثة مشروعٌ فيها الكذب، أما ما عدا ذلك، فإنه لا يجوز للإنسان أن يكذب.

        وفيه ناحية جاء استثنائها في القرآن، وهي: النطق بكلمة الكفر فهذا الظاهر أنه نطق بكلمة الكفر، والباطن أنه مؤمن بالله -جل وعلا-، فليس هذا من هذا الباب؛ ولكني نبهت عليه خشيةً من فهم أن هذا داخل فيقال كيف تتقرر هذه القاعدة، ويكون هذا الفرع مختلفاً عنها، هذا من جهة.

        ومن جهةٍ ثانية: الله -جل وعلا- أعلم بالعبد من نفسه، والعبد أعلم بنفسه من غيره، فمن كان متصفاً بهذه الصفة وهي أن قالبه يختلف عما في قلبه كما قال -جل وعلا-: {وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ}[1] فالله -جل وعلا- يعلم السر وأخفى، عليه أن يقلع من هذه الصفة فإنها صفةٌ ذميمةٌ، والحساب عند الله -جل وعلا-، وبالله التوفيق.



[1] الآية (69) من سورة القصص.