ما الوسائل التي تدلون المسلمين عليها في رمضان؟
- الصيام
- 2022-02-07
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (10814) من مرسل لم يذكر اسمه، يقول: ما الطرق أو ما الوسائل التي تدلون المسلمين عليها في هذا الشهر المبارك أحسن الله إليكم؟
الجواب:
من المعلوم أن الله -سبحانه وتعالى- خلق الخلق لعبادته وحده لا شريك له، كما قال -جل وعلا-: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}[1]. والله -سبحانه وتعالى- شرع أموراً على سبيل الوجوب، وشرع أموراً على سبيل الاستحباب، وهذه الأمور التي على سبيل الوجوب منها الصلوات الخمس ومنها صيام رمضان.
وأمّا بالنظر إلى باب النوافل فالله -سبحانه وتعالى- شرع صلواتٍ على سبيل أنها سنة مثل: الرواتب التي للصلوات، ولهذا ثبت عن رسول الله ﷺ في صحيح مسلم أنه قال: « من صلى في يومٍ وليلةٍ ثنتي عشرة ركعةٍ بنى الله له بيتاً في الجنة ». فلما سمع عمر هذا الكلام قال: « إذن نكثر يا رسول الله ». قال: « الله أكثر ».
هذه الركعات هي: أربعٌ قبل الظهر وركعتان بعدها، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل الفجر؛ وكذلك بالنظر إلى صلاة الضحى، وكذلك صلاة الليل، وكذلك صلاة الوتر؛ فالرسول ﷺ في أسفاره ما ترك الوتر ولا ترك ركعتي الفجر.
كذلك بالنظر للصيام مشروعٌ للإنسان أن يصوم الإثنين والخميس، والأيام البيض. وأفضل الصيام صيام داود كان يصوم يوماً ويفطر يوماً.
ولكن بالنظر إلى حالة الإنسان في رمضان من حكمة الله -جل وعلا- أن الله شرع صيام هذا الشهر من السنة فنسبة هذه الأيام قليلة.
وبناءً على ذلك فإن الشخص إذا دخل عليه رمضان ينبغي أن يكون على حالٍ تختلف عن حاله في غير رمضان. وقصدي بهذا هو من جهة التطوع؛ أما من جهة الأشياء الواجبة كالصلوات الخمس ونفس الصيام فإننا لا نقول للإنسان: إنه يتساهل بالواجبات في غير رمضان ويحافظ عليها في رمضان؛ مثل: أشخاص لا يصلون إلا في رمضان. وأشخاص لا يصلون إلا يوم الجمعة في رمضان، ويتركون الصلاة طول السنة، ويتركون الصلوات في رمضان؛ يعني: بعضهم لا يصلي إلا يوم الجمعة بناءً منه على أن هذا يكفيه. ومن المعلوم أن الإنسان إذا كان يصلي ويترك فهو بمنزلة الذي لا يصلي أصلاً.
وعلى هذا الأساس فالشخص يحتاج إلى أن يتنبه إلى نفسه في رمضان من جهة أداء الواجبات وكذلك من جهة التطوع. التطوع سواءٌ كان تطوعاً من ناحية المال كالصدقة، أو كان تطوعاً من جهة اللسان من ناحية كثرة الذكر، فقد ثبت عن رسول الله ﷺ أنه قال: « من قال في يومٍ وليلة سبحان الله وبحمده مائة مرة غفرت ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر ». وموسى -عليه السلام- قال لربه: « يا رب، علمني دعاءً أدعوك به. قال: يا موسى، قل: لا إله إلا الله. قال : كل عبادك يقولون هذا ، قال: يا موسى، لو أن السماوات السبع وعامرهنّ غيري والأرضين السبع في كفة، ولا إلا الله في كفّة لمالت بهن لا إله إلا الله ».
فعلى هذا الأساس الشخص يحتاج إلى أن يُكثر من ذكر لا إله إلا الله، فقد جاء رجلٌ إلى الرسول ﷺ فقال: « يا رسول الله، أوصني. قال: « لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله ». وكثرة الذكر مثل: سبحان الله وبحمده عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته. الحمد لله عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته. ولا إله إلا الله عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته. والله أكبر عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته.
وكذلك من جهة قراءة القرآن فإن السلف من الصحابة ومن التابعين وأتباع التابعين كان لهم في رمضان حالة تختلف عن حالتهم في غير رمضان من جهة القرآن، فقد نُقل عن بعض السلف أنه كان يختم القرآن بين المغرب والعشاء، والإمام الشافعي كان يختم القرآن في الليل مرة وفي النهار مرة، وهذا ليس بمستغربٍ فإن الشخص عندما يقرأ القرآن قراءةً يكون فيها ضبط له؛ يعني: لا يسقط شيئاً من الحروف فإنه يتمكن من أن يقرأ الجزء في عشر دقائق. والجزء يشتمل على عشرة آلاف حرف تقريباً، والحسنة بعشر أمثالها.
وبناءً على ذلك فإن الشخص يحتاج إلى أن يكثر من تلاوة القرآن سواءٌ قرأه في الليل أو قرأه في النهار؛ المهم أنه يكثر من تلاوة القرآن؛ وكذلك ينبغي أن يكون له حزب من القرآن كما كان الصحابة -رضي الله عنهم- يحزّبون القرآن:
فكان الحزب الأول: من أول سورة البقرة إلى آخر سورة النساء.
الحزب الثاني: من أول سورة المائدة إلى آخر سورة التوبة.
الحزب الثالث: من أول سورة يونس إلى آخر سورة النحل.
الرابع: من أول سورة الإسراء إلى آخر سورة الفرقان.
والخامس: من أول سورة الشعراء إلى آخر سورة يس.
والذي بعده السادس: من أول سورة الصافات إلى آخر سورة الحجرات.
والسابع: من أول سورة ق إلى آخر القرآن.
ومعنى ذلك أنهم يحزّبون القرآن يعني كل يومٍ يقرؤون حزباً في غير رمضان؛ أما في رمضان فكان اجتهادهم كما سبق بأنهم يكثرون من تلاوة القرآن. وهذه التلاوة قد تكون تلاوة دون صلاة، وقد تكون تلاوة بصلاة، وقد تكون الصلاة في النهار، وقد تكون الصلاة في الليل.
وعلى هذا الأساس فيحتاج الإنسان إلى أن يكثر من العبادات المالية، والعبادات القولية، والعبادات العملية.
وليعلم أن هذه الأمور التي يعملها أنها تُسجل له في صحائف أعماله، وأنه إذا قدم يوم القيامة فسيجد هذه الأعمال؛ لأن الله -تعالى- يقول: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)}[2] هذا جانب.
وفيه جانب آخر أن بعض الناس يكون قد مضى عليه أمور من حياته ليست مرضية لله؛ يعني: يكون مقصراً في باب الواجبات، أو يكون مرتكباً لشيء من المحرمات، فعليه أن يعيد النظر في نفسه، وعليه أن يصدق مع الله -جلَّ وعلا- وأن يتوب توبة نصوحاً، فما كان من حق لله -جلَّ وعلا- فإنه يتوب منه، وما كان من حق للمخلوق فإنه مع التوبة يعيد الحق إلى صاحبه إذا أمكنت إعادته، وإذا كان مالياً ولم تمكن إعادته بأي وجه من الوجوه فإنه يتصدق به على نية صاحبه. وإذا كان قد انتهك عرضه فإنه يستبيحه، وإن تعذرت عليه الاستباحة لمانع من الموانع فإنه يتصدق عنه من جهة، ويدعو له من جهة حتى يغلب على ظنه أنه أوفاه حقه. وبالله التوفيق.