Loader
منذ سنتين

حكم الاقتراض من البنك للحاجة


الفتوى رقم (4164) من المرسل السابق، يقول: ما حكم اقتراض بعض الفلوس من البنك مع العلم أني محتاج لذلك المبلغ؟

الجواب:

        القرض صورة من صور عقود الإرفاق والإحسان، ومثله عقد الكفالة، فالشخص عندما يريد أن يقترض من شخص، فليس في ذلك محذور من الناحية الشرعية.

        أما الظاهرة الموجودة في كثير من البنوك من جهة أنهم يقرضون بفائدة، فهذا في الحقيقة هو يسمى قرض، ولكنه بيع دراهم بدراهم، بيع دراهم معجلة بدراهم مؤجلة بأكثر مما دفعه الشخص، فلا يجوز للإنسان أن يقدم على ذلك؛ لأن الرسول ﷺ قال: « الذهب بالذهب، مثلاً بمثل، يداً بيد ». وذكر الفضة مثلاً بمثل، يداً بيد، إلى أن قال: « فإذا اختلفت هذه الأجناس فبيعوا كيفما شئتم إذا كان يداً بيد ».

        فعلى سبيل المثال عندما يقترض الشخص ألف دولار، وتكون مدة القرض سنة يعيدها إلى البنك ألفاً ومائة دولار، ففي الحقيقة هذا ليس بقرض، وإنما هو بيع ألف دولار حاضر بألف ومائة إلى المدة المحددة بينهما، وعندما يسمى هذا قرضاً، ويتعارفون عليه، فكل قرض جرّ نفعاً فهو ربا، فهو إن سمي قرضاً فهو ربا، وإن سمي بيع نقود، نقود حاضرة بنقود مؤجلة مع وجود الزيادة، فهذا بيع وهو ربا. فعلى كل مسلم أن يتقي الله -جل وعلا- في نفسه، وأن يحرص بقدر الاستطاعة أن يكون مكسبه حلالاً؛ لأنه ينفق كسبه على نفسه، وعلى من تحت يده من أم، وأب، وزوجة، وأولاد، فإذا كان الكسب حلالاً صار فيه بركة، وليس فيه إثم. وهو سبب من أسباب قبول الدعاء، أما إذا كان حراماً فإن أكل الحرام يكون مانعاً من موانع الدعاء. وبالله التوفيق.

        المذيع: فضيلة الشيخ عبد الله، لو انتقلنا إلى صورة تزاول في بعض الأحايين تلك التعاملات التي تجري بين الناس خارج البنوك، ذلك الذي يعطي العشرة باثني عشر؟

        الشيخ: هذه الصورة التي ذكرتها هي مسألة التورق، وهي البيع إلى أجل. وفيه ظاهرة ظهرت على شكل موسع وهي البيع بالتقسيط، بمعنى: إن الشخص يشتري أرضاً، أو يشتري بيتاً، أو يشتري سيارة، ويدفع جزءاً من الثمن، والباقي يكون مقسطاً على مدة، على عشرة أشهر أو أكثر من ذلك، يدفع الذي عليه الدَّين مقداراً معيناً من الدَّين الذي عليه، أو أنه يحسم من راتبه، فهذا البيع ليس فيه شيء إذا كان الشخص الذي يبيع السلعة إلى أجل إذا كان مالكاً لها قبل بيعها على المشتري. أما إذا كانت السلعة ليست بمملوكة له، فيأتي إليه ويبيعها عليه، وبعد ذلك يذهب هذا البائع ويشتري السلعة ممن هي عنده.

        فعلى سبيل المثال: إذا أردت أن أشتري أرضاً، جئت إلى الذي يبيع بالتقسيط، وقلت: فيه أرض عند فلان وأريد أن أشتريها، فيقول: اذهب وتفاهم معه، وأخبرني بالقيمة التي يريد أن يبيعها، فآتي وأخبره بالقيمة التي يريد أن يبيعها، ولتكن عشرة آلاف ريال، فيقول: أنا أبيعك هذه الأرض باثني عشر ألف ريال، أو خمسة عشر ألف ريال إلى مدة سنة. فيحصل الاتفاق ويكتب العقد بينهما، ثم يذهب هذا الشخص ويشتريها ممن هي ملك له، فيكون بيعه لها قبل أن يملكها، والرسول ﷺ يقول: « لا تبع ما ليس عندك ».

        فالعقود التي تحصل على هذه الصفة هذه عقود محرمة، لا يجوز للإنسان أن يدخل فيها على هذا الوجه. أما إذا كان مالكاً للسيارة، أو العمارة، أو الأرض، أو غير ذلك من الأمور القابلة للبيع، إذا كان مالكا لها قبل أن يبيعها على من يريد أن يشتريها بالتقسيط، فليس في ذلك بأس. وبالله التوفيق.