معنى قوله تعالى : "فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ"
- التفسير
- 2021-12-09
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (3175) من المرسل السابق، يقول: ما تفسير قول الله -تبارك وتعالى-: "فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5)"[1].
الجواب:
الصلاة ركنٌ من أركان الإسلام، وهي آكد أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهي صلةٌ بين العبد وبين ربه، ولهذا الرسول ﷺ كان إذا حزبه أمرٌ قال: « يا بلال، أقم الصلاة أرحنا بها »[2].
والرسول ﷺ قال: « العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ». وقال: « بين الرجل وبين الشرك أو الكفر ترك الصلاة ».
فلا شك أن الصلاة شأنها عظيم، والناس في هذا الباب أصناف:
الصنف الأول: من يحافظون عليها في أوقاتها مع جماعة المسلمين في المساجد، ويؤدونها كما أراد الله -جلّ وعلا- فهم يؤدونها بأركانها، وشروطها، وواجباتها؛ فهؤلاء هم الذين أثنى الله عليهم في مواضع من القرآن، كما في قوله -تعالى-: "قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2)"[3].
والصنف الثاني: من يؤدون الصلاة؛ ولكن لا يؤدونها في أماكنها مع الجماعة، فمنهم من يؤديها في مقر عمله مع وجود المسجد قريباً منه. ومنهم من يؤديها في بيته مع أن المسجد قريبٌ منه؛ فلا يجوز للإنسان أن يترك الصلاة في المسجد جماعةٍ مع القدرة على ذلك.
والصنف الثالث: من يصليها بعد خروج وقتها؛ لأنه يقول: إنه مشغول في تجارته وفي أعماله، وليس عنده وقت فراغ ليصلي الصلاة في وقتها. فبعدما ينتهي من عمله يصليها، وقد يجمع عدة صلواتٍ في وقتٍ واحد؛ فهذا لا شك إنه من الساهين عن الصلاة؛ يعني: داخلٌ في هذه الآية.
ومنهم من يتركها نهائياً، لا يصلّي إطلاقاً، ولا شك أن ترك الصلاة مع الجحد بوجوبها كفرٌ بإجماع أهل العلم، وأما تركها مع عدم جحودها كفرٌ على الصحيح من أقوال أهل العلم.
فالواجب على الشخص أن يتنبّه لهذا الركن العظيم؛ لأن فترة الحياة التي يعيشها الإنسان في هذه الدنيا قصيرة، وعندما يرتحل من هذه الدنيا، فهو يرتحل بالأعمال التي عملها، كما قال -تعالى-: "فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)"[4]. فالله -سبحانه وتعالى- يحصي أعمال العباد، وإذا جاء يوم القيامة فإن العباد يجدون أعمالهم، كما قال -تعالى-: "وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (13) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (14) "[5].
فعلى العبد أن يتقي الله في نفسه، وأن يتقي الله فيما ولّاه الله أمره، من ناحية أنه يأمرهم بالصلاة؛ كزوجته وأولاده، وكذلك إذا كان عنده أجراء يشغّلهم فعليه أن يتقي الله فيهم؛ لأن كثيراً من الناس يكون عنده أجراء ويشغلهم في وقت الصلاة، فيمنعهم من الصلاة جماعة، ويمنعهم من الصلاة في وقتها من جهةٍ أخرى. وبالله التوفيق.