Loader
منذ سنتين

ماهي الأمانة التي رفضت الجبال حملها وحملها الإنسان؟


  • فتاوى
  • 2021-12-09
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (3139) من المرسل م. ف. م، من مصر، يقول: قال الله -تعالى-: "إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا"[1]، ما هي الأمانة التي رفضت الجبال حملها وحملها الإنسان؟

الجواب:

الأمانة: كلمة مدلولها واسعٌ، وتكون في كلِّ موضعٍ بحسبه. فالإيمان أمانة، والتوحيد أمانة، وكلّ ركنٍ من أركان الإسلام أمانة.

والأمور التي يُطلب من الإنسان أن يفعلها على شكلٍ جزئيٍ من جزئيات الشريعة، وهذه الجزئية تكون أمانةً، ولا فرق في ذلك بين أن تكون واجبةً أو مندوبةً؛ وكذلك بالنظر للأمور التي طلب منه أن يتركها، فإنها أمانة من ناحية الترك.

وعلى هذا الأساس فمدلول الأمانة مدلولٌ واسعٌ، وفي هذه الآية: "إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا"[2] هي أمانة التوحيد، وأمانة الإيمان بالله -جلّ وعلا-.

الإنسان تحمّل هذه الأمانة؛ لأن الله -سبحانه وتعالى- أخذ عليه الميثاق في قوله -تعالى-: "وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172) أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ"[3].

فالمقصود إن هذه هي أمانة التوحيد، وأمانة الإيمان؛ ولكن مما يؤسف له أننا إذا نظرنا إلى جانب التشريع، ونظرنا إلى حالة الناس من ناحية تطبيق الأمانة المطلوبة منهم، فإننا نجد خللاً كثيراً في تطبيق الناس، قد يكون هذا الخلل من ناحية الإفراط، وقد يكون من ناحية التفريط. فكثيرٌ من البدع والضلالات، وكثيرٌ من الأمور الشركية، وكثيرٌ من ترك ما أمر الله به، وكثيرٌ من فعل ما حرّمه الله -جلّ وعلا-؛كلّ ذلك خيانة لله -جلّ وعلا-، والله -تعالى- يقول: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا. فالإنسان كما أنه تحمّل الأمانة، فهو مأمورٌ بأدائها، وهو مسؤولٌ عن هذه الأمانة التي تحمّلها يوم القيامة، والله -تعالى- يقول: "فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (6) فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ (7)"[4].

        فعلى المرء أن ينظر للأمانة التي تحمّلها وطُلب منه أداؤها، عليه أن يعرفها جيداً من جهة، وعليه أن يعرف كيف يؤديها من جهةٍ ثانية، وعليه أن يؤديها على الوجه المطلوب، وبذلك تبرأ ذمته، وإلا فإنها تبقى معلقةً في ذمته. وبالله التوفيق.



[1] الآية (72) من سورة الأحزاب.

[2] من الآية (72) من سورة الأحزاب.

[3] من الآيتين (172، 173) من سورة الأعراف.

[4] الآيتان (6، 7) من سورة الأعراف.