ألتزم الصمت وهذا من طبيعتي خاصة في جماعة النساء؛ وقيل لي: إنك لا تتعاملين مع الناس تعاملاً صحيحاً، مع العلم أني لا أحس بذلك؛ فهل أنا مصيبة؟
- فتاوى
- 2022-01-23
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (9119) من المرسلة السابقة، تقول: ألتزم الصمت دائماً وهذا من طبيعتي في أكثر الأوقات؛ خاصة في جماعة النساء؛ سواءً كنت أعرفهن أو لا، وأيضاً في البيت. والزميلات يقلن لي: إنك لا تتعاملين مع الناس تعاملاً صحيحاً، وهذا ربما يدعو إلى الفخر والكبرياء بعدم الكلام معهم، مع العلم أنني لا أحس بذلك؛ وإنما أتذكر قول النبي ﷺ: « من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت »[1]، فهل أنا مصيبة؟
الجواب:
اللسان جارحة من الجوارح، وهو وسيلة من الوسائل التي تؤدي المعنى الذي عند الشخص، ولا فرق في ذلك بين المعنى الذي يكون بين العبد وبين الله؛ كذكر الله -جلّ وعلا-، وتلاوة القرآن، وغير ذلك من الأمور المشروعة؛ أو مما يختص بنفسه؛ كدعائه لنفسه بالمغفرة والتوبة، وغير ذلك من الأمور المشروعة في حقه. أو كان فيما يتعلق بالمسلمين من ناحية الدعاء لهم والاستغفار.
وكما أنه وسيلة لما يرضي الله -جلّ وعلا- فيما يتعلق بحقه، وما يتعلق بحق الشخص بنفسه، وما يتعلق بحقوق الناس الآخرين؛ فهو -أيضاً- وسيلة للمعاني القبيحة التي تكون عند الإنسان، ويبرز هذه المعاني عن طريق هذه الوسيلة.
فمثلاً الشرك بالله، وهكذا سائر الأمور التي تكون محرمة عن طريق اللسان؛ كشهادة الزور، وكقذف المحصنات؛ إلى غير ذلك من الأمور المحرمة.
وعلى هذا الأساس فالشخص عندما يريد أن يتكلم يحتاج إلى التفكير في أمور:
الأمر الأول: بماذا يتكلم؟
والأمر الثاني: هذا الكلام موجّه لمن؟
والأمر الثالث: ما قيمة هذا الكلام؟
فإذا كان الكلام مشروعاً فيه مصلحة للمتكلم، وفيه مصلحة للسامع، فإنه يتكلم وهو مأجور في الحالتين.
أما إذا كان الكلام بذيئاً، مثل بعض الناس إذا جلسوا يشتغلون في الغيبة والنميمة والسخرية بالناس وغير ذلك من الأمور المحرمة، هذا لا يجوز. والرسول ﷺ لما سأله بعض الصحابة قال له: أوصني، قال: « كُفّ عليك هذا، وأخذ بلسانه ﷺ »، فقال: يا رسول الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ قال: « ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم -أو قال-: « على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم ».
وما عملته هذه السائلة من الصمت، وأنها لا تتكلم إلا بما ينطبق عليه الحديث إذا كان فيه خير تكلمت، وإذا لم يكن فيه خير سكتت؛ فهذا طيب.
لكن يبقى أمرٌ آخر وهو أنها تجلس وتستمع للغيبة والنميمة وهذه الأمور المحرمة، والله -تعالى- يقول: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}[2]، فهذه المرأة تنصحهم مرتين ثلاثاً، إن قبلوا للنصيحة، وإلا فلا تجلس معهم. وبالله التوفيق.
[1] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأدب، باب من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره(8/11)، رقم(6018)، ومسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب الحث على إكرام الجار والضيف(1/68)، رقم(47).