Loader
منذ سنتين

ما أسباب سلامة القلب؟ وحديث عن أمراض القلوب وكيفية السلامة منها


  • فتاوى
  • 2022-02-22
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (10172) من مرسل سابق، يقول: ما أسباب سلامة القلب؟ ونرجو التكرم بالحديث عن أمراض القلوب وكيفية السلامة منها.

الجواب:

          القلب للبدن كالملك للرعية، وهذا القلب تكون قوته ويكون ضعفه بحسب الغذاء الذي يغذى به. وغذاؤه يكون بفعل الأعمال الصالحة وترك الأمور المنهي عنها. ومرضه يكون بترك شيء من الواجبات أو فعل شيء من المحرمات. ومرض القلب يتفاوت من جهة قوته؛ ذلك أن الشخص قد يرتكب شركاً أكبر، أو كفراً أكبر، أو نفاقاً أكبر؛ فإذا ارتكب ذلك أصيب الإنسان بمرضٍ في قلبه لا يرجى برؤه، ولهذا نجد أن الجوارح تتعطل عن مزاولة الأعمال الصالحة لأن القلب فاسد، ولهذا يقول الله -جل وعلا- في المنافقين: {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ}[1]، {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا}[2]؛ والمقصود أنهم لا يعقلون عقلاً ينفعهم، ولا يبصرون بصراً ينفعهم، ولا يسمعون سماعاً ينفعهم. وكثير في القرآن الحديث عن الكفار وعن المشركين وعن المنافقين بأنهم يسمعون الكلام ولكن طُبع على قلوبهم بسبب الأعمال التي عملوها: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}[3] ففيه آيات كثيرة في هذا الموضوع. وقد يكون المرض أقل درجة من هذا، فعلى الإنسان أن ينظر إلى نفسه هل يستخدم وسائل ينشأ عنها مرض القلب؟! أو يستخدم وسائل تنشأ عنها صحة القلب؟ فأنت إذا عملت حسنةً وتركت معصية فهذا تغذية صالحة للقلب، وإذا عكست تركت واجباً أو فعلت محرماً فهذا مرض للقلب، ولهذا قال ﷺ: « لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ». الحديث.

        والمقصود: أن الشخص عليه أن ينظر بدقةٍ إلى ما يصدر منه، هل ما يصدر منه تغذية سليمة للقلب؟ أم أنها أسباب لمرض القلب؟ فإن الشخص يفعل المعصية فينكت في قلبه نكتة سوداء، فإذا عمل معصية نكت أخرى؛ وهكذا حتى يسوّد جميع القلب، وبعد ذلك يكون صاحبه لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً.

        وأنا أنصح المستمع إذا أراد أن يتوسع في هذا المجال ففيه كتاب (إغاثة اللهفان) لابن القيم قد ذكر -رحمه الله- جملة من الأمور المتعلقة بالقلب؛ وكذلك كتاب اسمه (قوت القلوب)؛ هذا من أحسن ما كُتب في هذا الموضوع. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (4) من سورة المنافقون.

[2] من الآية (179) من سورة الأعراف.

[3] الآية (14) من سورة المطففين.