Loader
منذ 3 سنوات

دعاء الوالدين على أبناءهم


الفتوى رقم (6892) من المرسل م.س.م. من جازان يقول: كان والدنا يكثر السب علينا بقوله: الله لا يكسبكم، أو الله لا كسبكم. ونحن نعاني من قلة التوفيق في حياتنا، هل هذا قضاء وقدر؟ أم راجع لسب والدنا لنا؟ وبم تنصحونا الآن أحسن الله إليكم؟

الجواب:

        السائل ذكر شيئاً مما يقوله والدهم لهم من الإساءة بالقول؛ ولكنه لم يذكر ما يصدر منهم من معاملة لوالدهم، فبعض الناس يعامل والده معاملةً سيئة؛ سواءٌ كانت هذه المعاملة من جهة القول، أو كانت من جهة الفعل، وبعد ذلك يحصل عند الأب غضب على أولاده، وينتج عن هذا الغضب أن يدعو عليهم. وبناءً على ذلك يكونون هم السبب في دعاء والدهم عليهم وذلك من جهة إساءتهم إليه، وقد جاء في الحديث: « ثلاث دعوات مستجابات -منها- دعوة الوالد على ولده »، فعلى السائل أن يتفقد نفسه من جهة موقفه مع والده هو وإخوانه؛ فإذا كانوا قد أساؤوا إلى والدهم فعليهم أن يطلبوا منه السماح والعفو، وأن يحسنوا إليه بقدر ما يستطيعون، وأن يطلبوا منه أن يدعو لهم بدلاً من يدعو عليهم. أما إذا كانوا يحسنون إليه بالقول وبالفعل؛ يعني: قاموا ببره من جميع النواحي؛ ولكنه يدعو عليهم بهذا الدعاء؛ فلا شك أنه آثم بذلك؛ لأن الله -جل وعلا- يقول: « يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً »، وقال تعالى: "إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ"[1]، فإذا كان الله قد نزه نفسه عن الظلم فلا يجوز لأي شخص من الخلق أن يتصف بهذه الصفة وهي الظلم لكونه والداً أو والدة، أو قد يكون مسؤولاً ويستعمل مسؤوليته هذه بالظلم يجعلها وسيلة للظلم؛ مثل: المدرس مع طلابه، أو أي مسؤول كان؛ فالظلم حرام، فإذا كان والدكم يستعمل ذلك على سبيل الظلم فالله سبحانه وتعالى لا يستجيب دعوته ؛ لأنه ظالم بهذا الدعاء، والرسول ﷺ قال؛ « انصر أخاك ظالماً أو مظلوم »، قال: أنصره إذا كان مظلوماً، لكن كيف أنصره إذا كان ظالماً؟ قال: « تمنعه من الظلم » [2].

        فالمقصود هو أنه لا بدّ من النظر إذا كان هناك سبب لدعاء فلا بدّ من تغيير تعاملكم معه، وإذا لم يكن هناك سبب فحينئذٍ يكون ظالماً. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (40) من سورة النساء.

[2] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب المظالم والغصب، باب أعن أخاك ظالماً أو مظلوماً (3/128)، رقم(2443).