بيان حكم الحجاب واضحاً، حكم الاختلاط بين أفراد الأسر كالزوجة وإخوة زوجها
- سدالذرائع
- 2022-05-17
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (5227) من مرسلة لم تذكر اسمها، تقول: أرجو التكرم ببيان حكم الحجاب واضحاً. وهل يجوز الاختلاط بين أفراد الأسر كالزوجة وإخوة زوجها ولاسيما على الطعام؛ إذ إنها بين أفراد أسرةٍ حتى الآن لم يقتنعوا بتغطية الوجه بالحجاب؟ وتسأل هل أبقى جالسة وحدي أم أختلط معهم ولاسيما وقت الشرب والأكل كما قلت، علماً بأن زوجها كما تقول رجل طيب؛ لكنه لم يقتنع بغطاء الوجه حتى الآن؟
الجواب:
أولاً: إن التشريع حق لله -جلّ وعلا-. والرسول ﷺ أشرف الخلق على الإطلاق ومع ذلك يقول الله له: "لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ"[1]، وهذا يعني أنه ممتثلٌ لما يأمره الله به، وممتثلٌ لترك ما ينهى الله عنه.
ثانياً: إن العادات التي يتعود عليها الشخص أو يتعارف عليها أهل بلدٍ إذا كان هذا التعارف تصادم الأدلة الشرعية، أو يصادم قواعد الشريعة فإن هذا التعارف وهذه العادة ليس لهما محلٌ من جهة الجواز؛ فهما ممنوعان والحكم في ذلك للأدلة الشرعية.
ثالثاً: إن هذه المسألة المسؤول عنها وهي مسألة الحجاب جاءت أدلة في القرآن وجاءت أدلة في السنة يؤخذ من هذه الأدلة مشروعية الحجاب، وأنه واجبٌ من الواجبات. وهذا الحجاب لم يشرع على سبيل العبث؛ وإنما هو منظورٌ فيه إلى ما يحققه من جلب المصالح ودرء المفاسد. فمن المصالح: المحافظة على المرأة؛ لأن تغطية وجهها يمنع تسليط النظر عليها؛ وبالتالي يكون مانعاً لغير محرمها أن يتعلق بها. ومن أصول الشريعة المحافظة على الأنساب وعلى العرض، وهذا وسيلة من الوسائل التي فيها محافظة على العرض من جهة، وعلى النسل من جهةٍ أخرى. عندما يحصل كشف للوجه يترتب على ذلك نظر المرأة إلى الرجل، ونظر الرجل إلى المرأة؛ وهكذا يتعلق بها الرجل وقد تتعلق -أيضاً- هي به؛ وبالتالي قد يحصل الاتصال فيما بينهما، وبعد ذلك يحصل ما لا تحمد عقباه. وفي ذلك اختلاط الأنساب، وفي ذلك -أيضاً- هتكٌ للأعراض. ثم إن زوجها إذا علم أنها قد أقامت علاقةً مع شخص، أو أن الزوجة علمت أن زوجها أقام علاقة ًمع امرأةٍ أخرى فإن كلّ واحدٍ منهما سيقرر الابتعاد عن الآخر، ويكون هناك بينهما أولاد؛ وبالتالي يفترق الأب عن الأم لهذه الأسباب، ويترتب على ذلك مفاسد بالنظر إلى تشريد الأولاد؛ وحينئذٍ يكون هذا الولد في المجتمع لا يرتبط بأبٍ؛ لأن زوجة أبيه لو تزوج فإنها لا ترضى ببقاء أولاده من غيرها عندها؛ وهكذا أمهم إذا تزوجت فإن زوجها لا يرغب بقاء أولادٍ لها. فالشريعة جاءت بجلب المصالح ودرء المفاسد، ومن القواعد المقررة في الشريعة سد الذرائع.
وأما ما جاء في السؤال من ناحية اختلاط المرأة مع إخوان زوجها؛ فالرسول ﷺ قال: « ما خلا رجل بامرأةٍ إلا كان الشيطان ثالثهما، قالوا: يا رسول الله، أرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت ». والحمو هو أخ الزوج، فلا شك أن ابتعاد المرأة عن غير محارمها وعدم اختلاطها بهم هذا فيه مصلحةٌ عظيمة ودرءٌ للمفسدة.
أما ما يتعلق بما أشارت إليه من ناحية الأكل فبالإمكان أن النساء ينفردن ويكون أكلهن بمفردهن، والرجال ينفردون ويكون أكلهم على سبيل الانفراد؛ أما النظر إلى الاجتماع والنظر على أنه عادات فإن هذا أمر لا يجوز. وبالله التوفيق.
المذيع: بعض الناس يعتقد أن الأمر بغطاء الوجه جاء متأخراً ولم يكن معروفاً في عهد الرسول ﷺ أو في عهد صحابته، لعلكم تستغلون هذه المناسبة ببيان هذا جزاكم الله خيراً.
الشيخ: الرسول ﷺ جاءت عنه أدلة وجاءت أدلة -أيضاً- في القرآن، وفي الإمكان الرجوع إلى هذه الأدلة؛ لكن أنا أذكر دليلاً واحداً وهو قول الله -تعالى-: "وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ"[2]، فحينئذٍ الحجاب جاء في التشريع في عصر الرسول ﷺ، والقول بأنه جاء متأخراً هذا ليس له مستند شرعي. وبالله التوفيق.