معنى قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ .....}
- التفسير
- 2022-01-01
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (8083) من المرسل ح. ش. من اليمن- صعدة، يقول: قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ}[1] إلى آخر الآية، أرجو التكرم ببيان معنى الآية.
الجواب:
الله -سبحانه وتعالى- أنزل القرآن على نبيه ﷺ، وقال -جل وعلا-: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}[2].
والقرآن على أربعة أوجه:
الوجه الأول: ما تعرفه العرب من لغتها؛ بمعنى أنه توجد ألفاظٌ في القرآن تكون دلالتها من جهة اللغة.
والوجه الثاني: ما لا يُعذر أحدٌ في الجهل به؛ كقوله -جل وعلا-: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا}[3]، {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ}[4]، {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ}[5]؛ لأن هذه دلالتها ظاهرة.
والوجه الثالث: ما استأثر الله -جل وعلا- بعلمه، وهذا من المتشابه الحقيقي؛ فما يتعلق بذاته، وأسمائه، وصفاته، وما يتعلق بجميع الأمور الغيبية التي لا يعلمها إلا هو داخلةٌ في المتشابه الحقيقي.
والوجه الرابع: المتشابه الإضافي؛ وهو ما يعلمه العلماء، ومن أمثلة ذلك قوله -جل وعلا-: {فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ}[6]، مع قوله -جل وعلا-: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (6) فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ (7)}[7]، وقوله -جل وعلا-: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ}[8].
فثمة آياتٌ في القرآن تنفي وقوع السؤال، وثمة آياتٌ تقرر وقوع السؤال، وقد جمع العلماء بينهما بأن مواقف القيامة مختلفة، وهذا وجهٌ من وجوه الجمع، ففي بعض المواقف لا يُسأل أحدٌ، وفي بعض المواقف يقع السؤال.
وهكذا في الآيات التي قد يظهر بينها التعارض في ظاهر الأمر لكنها ليست متعارضةً في واقع الأمر، وهذا النوع اختص العلماء بمعرفته، ومن أمثلة ذلك على وجه التوسع:
حمل الْمُطلق على المقيد، وتخصيص العام، وكذلك إذا كان الدليل قد جاء قاصِداً خلاف الظاهر، أي أن المقصود به هو المعنى المرجوح، فيبحث العالم عن الدليل الذي يدل على أن المقصود هو المعنى المرجوح.
وللشيخ محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله- كتابٌ عظيمٌ في هذا الموضوع اسمه: أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن، وله كتابٌ أخص منه، وهو: دفع إيهام الاضطراب، وبالله التوفيق.