ما علامات حسن الخاتمة؟
- الإيمان
- 2022-02-21
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (9903) من مرسل من اليمن، يقول: ما علامات حسن الخاتمة؟
الجواب:
يقول الله -جل وعلا-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[1] والعبد لا يملك لنفسه ملكاً مستقلاً عن الله -جل وعلا- أن يموت على الإسلام؛ لأن الله -تعالى- يقول في سورة الحجرات: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}[2].
ومن المعلوم أن الهداية هدايتان: هداية دلالةٍ وإرشاد، وهداية توفيق وإلهام.
وهداية الدلالة والإرشاد تحصل في القرآن، وتحصل في السنة، وتحصل في بيان أهل العلم للقرآن وللسنة.
وعلى هذا الأساس فالعبد عندما يجري عليه قلم التكليف فقد قال ﷺ: « رفع القلم عن ثلاثة: النائم حتى يستيقظ، والصغير حتى يبلغ، والمجنون حتى يفيق ».
فبالنظر إلى الصغير وبالنظر إلى المجنون عندما يعود على الجنون عقله ويبلغ الصغير سن التكليف، يتوجه إليه وجوب تعلم ما كلفه الله به من الأمور العينية؛ مثل: الطهارة، الصلاة، الزكاة إذا كان عنده مال، أحكام الصيام، أحكام العمرة، أحكام الحج إذا أراد أن يحج أو يعتمر؛ وهكذا بالنظر لما يتعلق بأصول الإيمان والتوحيد وما إلى ذلك؛ يعني: يتعلمه تعلماً تدريجياً.
وهو مع التعلم محتاجٌ إلى التطبيق العملي؛ بمعنى: إن الأمور الاعتقادية يعتقدها، والأمور التطبيقية التي هي قوليةٌ أو فعليةٌ يطبقها. قد تكون محرمة يجتنبها، وقد تكون واجبة يفعلها، وقد تكون أمور مستحبة والأفضل له أن يفعلها.
فيتعلم الوظائف اليومية ما الذي يجب عليه في يومه هذا؟ فيتعلم ويستمر على هذا الخط، ويحرص على أنه لا يحصل عنده خلل ٍ لا في باب الواجبات ولا في باب المحرمات، فقول الله -جل وعلا-: {وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[3]، المقصود منكم أنكم تعملون الوسائل في حياتكم التي تقربكم إلى الله -جل وعلا-، وهي حاصلةٌ بامتثال الأوامر واجتناب النواهي حتى إذا جاءكم الموت تكونون على حالةٍ حسنةٍ مرضية لله -جل وعلا-، فيختم الله لكم بخاتمة خير، وهذا لا يعني أن الإنسان قد تكون حالته سيئة؛ ولكن يوفقه الله في آخر حياته؛ مثل الغلام اليهودي الذي زاره الرسول ﷺ في مرض موته، فطلب منه أن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فرفع الولد بصره إلى أبويه فقالا له: أطع أبا القاسم فشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ثم فاضت نفسه، فلما خرج الرسول ﷺ قال: « الحمد لله الذي أنقذه بي من النار ».
وأيضاً قد يكون الإنسان على حالةٍ حسنة ولكن يرتكب عملاً سيئاً في آخر حياته، ويختم له بخاتمةٍ سيئة.
فعلى العبد أن يحرص على استعمال الوسائل المرضية لله وتجنب الوسائل المغضبة لله -جل وعلا.
وعليه -أيضاً- أن يسأل الله التثبيت؛ لأن الله -تعالى- قال: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ}[4]. وقد كان ﷺ يُكثر من قوله: « اللهم يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على دينك، ويا مصرف القلوب صرف قلبي على طاعتك ».
فعلى الإنسان أن يستقيم على دين الله ويسأل الثبات عليه، وإذا حصل منه نقص أو خلل؛ لأنه ليس بمعصوم كما قال -جل وعلا- في الحديث القدسي: « يا عبادي، إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب فاستغفروني أغفر لكم ». فإذا حصل منه تقصير في واجب من الواجبات أو فعل شيء من المحرمات فباب التوبة مفتوح يقول الله -جل وعلا-: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}[5]. وبالله التوفيق.