معنى حديث: « لو لم تذنبوا لذهب الله بكم وجاء بقومٍ يذنبون ويستغفرون فيغفر لهم »؟
- شرح الأحاديث
- 2021-08-04
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (7086) من المرسل ع.ص.ن. يقول: ما معنى حديث: « لو لم تذنبوا لذهب الله بكم وجاء بقومٍ يذنبون ويستغفرون فيغفر لهم »؟ نرجو الإفادة حول معنى هذا الحديث، أحسن الله إليكم.
الجواب:
خلق الله -جل وعلا- الملائكة من نور لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، وخلق الشياطين من مارجٍ من نار لا يطيعون الله طرفة عين عكس الملائكة، وخلق بني آدم وبيّن أصل خلقهم في قوله -تعالى-: "وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ"[1]، وقال -جل وعلا-: "إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ"[2]، وركبه من بدنٍ وروح، وجعل غذاء البدن مما خلقه الله في هذه الأرض كما قال -تعالى-: "هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا"[3].
والمقصود من هذا ما يكون فيه منفعةٌ لهم؛ أما ما كان فيه مضرةٌ عليهم فلا يجوز لهم أن يتناولوه إلا في الأحوال التي يجيزها الشرع، وجعل غذاء الروح الوحي والبدن آلة خادمة للروح، فغذاء الروح هو الوحي الإلهي، ومن حكمة الله -جل وعلا- أنه لم يجعل هذا المخلوق معصوماً، فإن الله -جل وعلا- عصم الرسل فيما يبلغونه عن الله -جل وعلا-، وعصم الملائكة عن المعاصي: "لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ"[4]، ولكن بالنظر إلى أنه لم يعصم بني آدم فإن الواحد منهم عُرضة لترك واجبٍ أو لفعل محرمٍ، فقوله في الحديث: « لو لم تذنبوا » هذا فيه بيانٌ لطبيعتهم؛ لأن من طبيعتهم أنهم لا يستطيعوا أن يحبسوا أنفسهم على طاعة الله طول حياتهم، فمن طبيعتهم أن الإنسان يطيع ويعصي، ومن أجل ذلك فتح الله -جل وعلا- باب التوبة.
وفيه أسبابٌ تجعل الإنسان يرتكب المعصية، فتسلط شياطين الجن، وتسلط شياطين الإنس على الإنسان، وتسلط النفس الأمارة بالسوء، وتسلط الهوى المذموم، وإغراق الإنسان في ملاذ الدنيا كلّ هذه أسباب تجعل الإنسان يرتكب المعصية.
ومن رحمة الله -جل وعلا- أنه شرع أموراً تكون معالجةً لهذه الأمور، فمن ذلك أنه فتح باب التوبة، وفتح باب الدعاء؛ وكذلك الإكثار من الحسنات؛ سواءٌ الحسنات القولية، أو الفعلية، أو المالية، فحينما يُكثر من الحسنات فالحسنات يُذهبن السيئات، وقد قال ﷺ: « إني لأستغفر الله في اليوم مئة مرة ».
ومن فضل الله -جل وعلا- على عباده أن يوفق الواحد منهم حينما يقع في معصيةٍ لترك واجبٍ أو لفعل محرم؛ أن يوفقه للتوبة، وأن يوفقه للدعاء، ويوفقه لطلب المغفرة من هذا الذنب.
وبناءً على ذلك فعلى الشخص أن يتنبه لنفسه، وهذا التنبه هو من ناحية أنه يحرص على أداء الواجبات وعلى ترك المحرمات، وعندما يقع في ترك واجبٍ أو في فعل محرمٍ فعليه أن يرجع إلى الله -جل وعلا- وأن يتوب إليه فالله أرحم بالعبد من نفسه. وبالله التوفيق.