Loader
منذ 3 سنوات

حكم عمل المرأة


  • فتاوى
  • 2021-10-05
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (2131) من المرسل ع. ع. ع، من سوريا، يقول: كثر الكلام حول عمل المرأة، فمن الناس من ينادي بعمل المرأة ومشاركتها للرجل في العمل بحيث تعمل مع الرجل جنباً إلى جنب، ومن الناس من يمنع عمل المرأة بالكلية ومنهم من يرى التفصيل، نرجو أن تقولوا لنا كلمة الحق في هذه المسألة.

الجواب:

 الله سبحانه وتعالى قضى في علمه الأزلي خلق آدم، وخلق من آدم هذه الذرية كما قال تعالى:"يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً"[1]، ولا شك أن التمييز في الخلق من ذكرٍ إلى أنثى، له آثاره التي تترتب عليه، فإذا نظرنا إلى الرجل وجدنا أن الله جعل فيه خصائص فطرية، وجعل له وظائف فطرية، وهيأه لوظائف شرعية خاصة به، وإذا نظرنا إلى المرأة وجدنا أنها لها خصائص من الناحية الفطرية، ولها مميزات من ناحية وظائفها الفطرية، ويترتب على ذلك ما جعله الله لها من الوظائف الشرعية، وهناك أمور مشتركةٌ بين الرجال وبين النساء.

        ولهذا جاءت أحكام الشريعة بالنسبة للرجال والنساء ثلاثة أقسام:

 القسم الأول: ما هو خاصٌ بالرجال، والقسم الثاني: ما هو خاصٌ بالنساء، والقسم الثالث: ما هو مشتركٌ بينهما.

فعندما نسلب من الرجل خصائصه الفطرية ونلغي وظائفه الشرعية، ونجعل هذه الوظائف إلى المرأة، ونعكس نسلب المرأة خصائصها ونأخذ وظائفها الشرعية ونجعلها للرجل حينئذٍ لا يكون لتوزيع الأحكام الشرعية من جهة الله جل وعلا على الرجال وعلى النساء، كبير فائدة؛ لأننا لم نطبق الشريعة في حق الرجال ولم نطبق الشريعة في حق النساء، وإنما عكسنا التطبيق.

 وبهذا يتبين أن واقع المرأة من حيث العموم واقعٌ يحتاج إلى إعادة نظر، ذلك أن من الناس من سلك في المرأة مسلك الإفراط، فألغى الاعتبارات الشرعية لها، وجعلها كالرجل لا بالنسبة لشخصيتها، ولا بالنسبة لعملها، ولا بالنسبة لتعاملها مع الناس الآخرين، فيجعلها تمسك وظيفة الرجل وتشتغل مع الرجل، وتتجرد من الحجاب، ويخلو بها الرجل إلى غير ذلك من أمثلة الإفراط، وبطبيعة الحال هذا أمرٌ لا يجوز، ومنهم من سلك مسلك التفريط إلى درجة أنه منع المرأة حتى من تعلم أمور دينها، وأيضاً هذا أمر لا يجوز.

والمسلك العدل في ذلك هو أننا نعطيها مالها من حقٍ ولكننا لا نعطيها من الحق إلا ما شرع لها، وعندما نعطيها من الحق ما شرع لها بذلك نحقق المصلحة لها ولمن يتصل بها من زوجٍ أو أبٍ أو أولاد، وكذلك بالنسبة للمجتمع، فنستفيد منها ونحافظ عليها، فإذا اشتغلت المرأة طبيبةً تعالج النساء،هذا ليس فيه محذور، لكن إذا كان الرجل يعالج النساء مع وجود امرأة، والمرأة تعالج الرجال مع وجود طبيبٍ من الرجال نكون قد عكسنا من الناحية الوظيفية، وإذا جعلنا الرجل يعلم النساء، وجعلنا النساء يعلمن الرجال، ومزجنا بين الرجال والنساء في التعليم، نكون بذلك قد عكسنا المقاييس السليمة، فالرجال يدرسهم رجال، والنساء يدرسهن نساء، والرجال يدرسون منفردين يدرسهم رجال، والنساء يدرسن منفرداتٍ يدرسهن نساء، فالتعليم ليس من الأمور الممنوعة بل هو من الأمور المشروعة، ولكن الشأن في الطريقة وفي الأساليب التي تستخدم لذلك.

 وبهذه الأمثلة التي ذكرت، أحب أن أختم الكلام؛ لأن مجال البرنامج ضيق جداً، ولا يتسع لإعطاء هذا السؤال حقه، ولكن الشيء الذي أحب أن أختم به هذا الكلام هو أن كل امرأة أمانة في عنق وليّ أمرها، فولي الأمر قد يكون الزوج أو الأخ أو الأب أو غير ذلك، كما أن من جعل الله له سلطة التنفيذ، ومن جعل له حق البيان من أهل العلم، كلٌ عليه مسؤولية في حدود اختصاصه، فعلى أهل العلم البيان، وعلى من يملك التنفيذ أن ينفذ في حدود اختصاصه وعلى كل ولي امرأةٍ من أبٍ أو زوجٍ أو غير ذلك عليه أن يتقي الله فيها، وعليها هي أيضاً أن تتقي الله في نفسها؛لأن كثيراً من النساء يكون فيهنّ خروجٌ على أولياء أمورهن، وقد تتمرد أيضاً على المجتمع، فلا بد من التعاون في هذا الأمر، فنستفيد منها ولكن في حدود الأمر المشروع، وبالله التوفيق.



[1] من الآية (1) من سورة النساء.