Loader
منذ 3 سنوات

حكم توبة من وقع في ذنوب كبيرة وكثيرة


الفتوى رقم (7436) من مرسل من جنسية عربية يقول: وقعت في مجموعة من الذنوب، وذهبت إلى أحد الشيوخ وقلت له عن ذنوبي، فقال هذا الشيخ: إنك من أهل النار، وقلت له: رحمة ربي واسعة، وأحاول مرة أخرى، وعندما سمعت برنامج نور على الدرب في هذه الإذاعة قلت: لا بدّ أن هناك توبة.

        أما الذنوب التي وقعت فيها: وقعت في الزنا والعياذ بالله، وشرب المخدرات، وإتيان زوجتي في نهار رمضان وهي حائض، وكنت أحلف على الحرام أحياناً، وقلت لزوجتي: عليّ الحرام منك لا تدخلي هذه الغرفة، وكانت تدخلها باستمرار، وقلت لها: عليّ الطلاق منك لا أتنازل عن حقي لفلان لكن تنازلت، إلى غير ذلك من الأمور؟

الجواب:

        أما ما يتعلق بالمعاصي التي فعلها هذا الشخص، فإن الله سبحانه وتعالى قال: "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ"[1]، وقال -جل وعلا- لنبيه محمد ﷺ:"قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ"[2]، فالعبد إذا تاب فيما بينه وبين الله توبةً صادقة من حقوق الله -جل وعلا-، والتوبة الصادقة لها شروط:

        الندم على ما فعل، والإقلاع من الذنب، والعزم على عدم العودة إليه.

        وإذا كانت التوبة من حقوق الخلق فيضاف إلى هذه الشروط شرطٌ رابع، وهو أن يؤدي الحق لصاحبه إذا كان هذا الحق مالياً، وإذا كان من عرضٍ فإنه يستبيحه، وإذا تعذر عليه رد المال فإنه يتصدق به على نية صاحبه، وإذا تعذر عليه استباحة من له الحق عليه من الناس فإنه يدعو له ويتصدق عنه لعل الله سبحانه وتعالى أن يعفو عنه، ولا يجوز للإنسان أن يقنط من رحمة الله.

        أما ما يتعلق بالتحريم والطلاق ففي إمكانه أن يكتب لجهة الاختصاص وهي دار الإفتاء، يكتب لسماحة المفتي ويُبين ما وقع منه ويأتيه الجواب إن شاء الله تعالى. وبالله التوفيق.

        المُذيع: هل من توجيهٍ ونصيحة لأولئك الذين يقنطون الناس من رحمة الله؛ خصوصاً هذا الذي قال له: أنت من أهل النار والعياذ بالله؟

        الشيخ: من المعلوم أنه لا يجوز للإنسان أن يقول على الله بغير علم، فقد قال رجلٌ: والله لا يغفر الله لفلان، فقال الله -جل وعلا-: « من ذا الذي يتألى عليّ؟ إني قد غفرت له وأحبطت عملك ».

        وقد وقع في بني إسرائيل أن رجلاً قتل تسعاً وتسعين نفساً فجاء إلى عابدٍ فسأله هل له من توبة؟ فقال: لا أجد لك توبة، فقتله مكملاً به المائة، ثم ذهب إلى عالمٍ فسأله فأخبره عما حصل منه فسأله هل له من توبة؟ فقال له: نعم لك توبة، من يحول بينك وبين الله -جل وعلا-؟ ولكن هاجر من البلد التي عصيت الله فيها إلى بلدٍ أخرى، فهاجر ومات في الطريق، فنزلت ملائكة الرحمة لتأخذه إلى الجنة، ونزلت ملائكة العذاب لتأخذه إلى النار، فأنزل الله ملكاً يقضي بينهما، فقال: قيسوا المسافة التي هاجر منها وبين البلد التي هاجر منها، والمسافة بين مكانه وبين البلد التي هاجر إليها وألحقوه بأقربهما، فقاسوا البلد التي هاجر منها، والبلد التي هاجر إليها؛ فوجدوا أن البلد التي هاجر إليها أقرب من البلد التي هاجر منها، فأخذته ملائكة الرحمة، فلا يجوز للإنسان أن يقول على الله -جل وعلا- بغير علمٍ. وبالله التوفيق.



[1] الآية (53) من سورة الزمر.

[2] من الآية (38) من سورة الأنفال.