أب ضرير يشتكي من ابن له 35سنة بعيد عن طريق الحق ونصحه كثيرا ولا يتحمل مسؤولية بيته ولا عائلته ولا أولاده
- فتاوى
- 2021-07-08
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (5284) من المرسل السابق، يقول: عندي شاب وهو ابني يبلغ من العمر خمساً وثلاثين سنة وهو بعيد عن طريق الحق الطريق الصحيح، وقد نصحته كثيرا بكلام الله وسنة نبيه ﷺ؛ ولكنه لا يسمع لي كلمة ولا ينصاغ منذ صغره حتى الآن. بلغ الخامسة والعشرين ثم تزوج وأصبح لديه ثلاثة أطفال أولاد وهو على حاله بل زاد، ولا يتحمل مسؤولية بيته ولا عائلته ولا حتى أولاده. وأيضاً فيه من الصفات المكروهة مثل الكذب والسرقة، نصحته فلم يستجب فماذا أفعل، علماً بأني ضرير ولا أستطيع العمل وأنا محتار معه؟
الجواب:
يقول الله: "فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ"[1]، وقال ﷺ: « كلّ مولودٍ يولد على الفطرة فأبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه ». فالولد يولد على الفطرة. والعوامل والتربية التي تحيط به قد تكون مؤثرةً عليه في تنمية هذه الفطرة واستقامة هذا الشخص على طريق الحق، وقد تكون البيئة التي يعيش فيها في بيته أو رفقاء هذه البيئة تصرفه عن طريق الحق. وانصرافه عن هذه الفطرة السليمة تكون له لها أسباب متعددة.
والمفروض أن كلّ شخصٍ عنده شابٌ أو شابةٌ خرج أو خرجت عن طريق الفطرة لا بدّ أن يبحث عن الأسباب التي أدت إلى خروجه عن هذا الطريق، هل هو تقصيرٌ في تربيته الدينية؟ أم أن هذا الشخص عنده مشكلة في بيته؟ مشكلة من أمه، مشكلة من أبيه؟ مشكلة من أكبر إخوانه؟ لأن كثيراً من كبار الإخوان يتسلطون على صغارهم ويؤذونهم؛ حتى إن الصغير يكره البيت يكره البقاء فيه لا في الليل ولا في النهار؛ وبالتالي يجد رفقة سوءٍ، وقد تكون هناك مضايقة مالية عليه، فلا يجد في البيت من يساعده من النواحي المالية الضرورية، وليس المقصود الأمور المالية التي يُفسد فيها نفسه، فيكون هذا هو المبدأ. وإذا حصلت هذه المضايقة وصارت سبباً من الأسباب، وبعد ذلك يجد من يحتضنه ويغريه ويعطيه ما يريده؛ وذلك من أجل أن يُفسده، ولا يشعر بنفسه إلا بعد فترةٍ طويلة.
وقد تكون المشكلة أن له قرناء يسمونهم الأصدقاء يكونون من زملائه في المدرسة، أو من زملائه، أو من في الشارع، أو غير ذلك هؤلاء يكونون قد تربوا تربية سيئة فيكونون سبباً في انتقال هذا الشخص؛ ولكن تكون هناك غفلة من ولي أمره ولا يشعر إلا بعدما يتورط هذا الشخص فيقع في حبائل أصدقاء السوء وحبائل الشيطان.
وقد يكون هذا الشخص الذي حصل عنده انحراف قد تكون سيرة الوالد في نفسه سيرة سيئة فتنتقل سيرة الوالد إلى الولد من باب تقليد الابن للأب؛ لأنه يعتقد أن والده لا يفعل إلا أمراً محبوباً فيكون وقوع الأب في هذا الأمر السيئ هو السبب في تخلق هذا الولد في الأخلاق السيئة، وقد يكون هناك إدمان في المخدرات، وقد يكون هناك مشاهدة لبعض وسائل الإعلام التي تنقل للشخص أموراً ليست بطيبة فيتأثر على مر الأيام؛ وبالتالي يكون قد تخلق بهذه الأخلاق التي نقلتها إليه وسائل الإعلام.
فالمفروض هو دراسة أسباب انحراف الشخص، ومعالجة هذه الأسباب بما تحتاج إليه من معالجة، مع العلم أنه لابدّ من دعاء الله -جلّ وعلا-، والإكثار من الدعاء، واختيار أوقات الإجابة للدعاء، فإذا صدق العبد مع الله واستعان به كما قال الرسول ﷺ لعبدالله بن عباس م: « إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيءٍ لم ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبه الله لك، وإن اجتمعت على أن يضروك بشيءٍ لم يضروك إلا بشيءٍ قد كتبه الله عليك , رفعت الأقلام وجفت الصحف ». فعلى المسلم إذا خرج أحد أبنائه عن الحق أن يبحث عن السبب وأن يدعو الله. وبالله التوفيق.