حكم مقاطعة إنسان لشخص يسكن معه لأنه يسيء إليه مع أنه يحسن إليه
- فتاوى
- 2021-07-08
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (5344) من المرسل السابق، يقول: أسكن مع إنسان أحسن إليه ويسيء إليّ، وأحلم عنه ويجهل عليّ؛ حتى إنه يبلغ به الحال أن يعزم لا يكلمني أبداً ولا يتلفظ باسمي، ومع ذلك أنا أكلمه وأذكر اسمه وأعامله كما كنت أعامله منذ قبل. سألته عن الأسباب قال: هذه هي أخلاقي. هل هي الشحناء التي ذمها الرسول ﷺ وقال حديثاً معناه: إن أهلها لا يغفر لهم؟
الجواب:
الشخص يكون مطبوعاً على صفات، هذه الصفات فطرية، ويكتسب ما يرجع إلى هذه الصفة ويصدر عنه ما يرجع إليها.
فمثلاً العقل يكون فطرياً، ويكون مكتسباً، ويكون عملاً من الشخص، ففيه عقل فطري، وعقل كسبي، وعقل تطبيقي.
فالعقل الفطري هذا الناس يتفاوتون في عقولهم، والعقل الكسبي ما يكتسبه الشخص من تصرفات أصحاب العقول؛ فيكتسب من تصرفاتهم الطيبة ما ينمّي عقله الفطري، ويتجنب الصفات السيئة. وبالنظر للعقل التطبيقي فهو يطبق ما يحصل له من العقل الكسبي المتفق مع العقل الفطري الذي يعود عليه بالمصلحة، ولا يصدر منه ضرر على نفسه أو على أحد؛ وهكذا سائر الصفات الأخرى كصفة السخاء يكون الشخص مجبولاً مطبوعاً على السخاء فطرياً؛ لكن يكون هناك سخاء كسبي، ويكون سخاء تطبيقي؛ فالسخاء الكسبي أنه يستفيد ممن يتصف بهذه الصفة إذا شاهد منه تصرفات سخية استفادها، وبعد ذلك يطبق الصفات الكسبية المتفقة مع الصفة الفطرية للسخاء، فينفق من ماله ما يثاب عليه، ولا ينفق من ماله ما يعود عليه بالضرر، ولا يكون بخيلاً على نفسه ولا على أهل بيته؛ وهكذا عندما يطلب منه أحد المحسنين؛ وهكذا سائر الصفات ينظر فيها من هذه الوجوه الثلاثة:
الوجه الأول: الفطري.
الوجه الثاني: الكسبي.
الوجه الثالث: التطبيقي.
فهذا الشخص الذي يسأل عمّا يصدر منه نحو صديقه، وما يصدر من صديقه نحوه، ويُفهم من سؤاله أنه لا يصدر منه إلى صديقه إلا الخير؛ سواء كان ذلك من الأقوال، أو من الأفعال. وأن صديقه لا يصدر منه إلا ما يسوؤه؛ سواء كان ذلك من الأقوال، أو من الأفعال.
فكلّ شخصٍ ينفق مما عنده، فإذا كانت صفاته صفات كمال بشري أنفق منها، وإذا كانت صفاته صفات نقص بشري؛ مثل: الجبن، والبخل، والخيانة، وما إلى ذلك فإنه ينفق من هذه الصفات.
وبناءً على ذلك فإن هذا لا يكون داخلاً في باب الشحناء المذمومة، ولهذا سأل الإمام أحمد رجلٌ، فقال: يا أبا عبدالله، كيف أسلم من الناس أحسن إليهم ولا تطلب منهم أن يحسنوا إليك، وتحمل إساءتهم ولاتسيء إليهم ولعلك تسلم
وقد جاء رجل إلى الرسول ﷺ فقال: « إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيئون إليّ. قال: إن كنت كما تقول فكأنما تسفهم الملّ »؛ يعني: إن الشخص إذا أساء إليك وأحسنت إليه فهذا يُوقع في نفسه ما ذكره الرسول ﷺ فكأنما تسفهم المل. واشكر ربك على هذه النعمة، وتعوّذ بالله من الشيطان الرجيم ألا يوجد فيك من الصفات ما ذكرته. وبالله التوفيق.