Loader
منذ 3 سنوات

حكم ترك الزوج زوجته بسبب المرض.


الفتوى رقم (94) من المرسل « ش.ج.م » من جدة، يقول: إن والدتي أصيبت بمرض، والمرض له مدة طويلة حوالي تسعة عشر عاماً , وعندما مرضت تركها والدي بسبب المرض, فأخذها أخ لي في حفظه ورعايته, والآن ما زالت مريضة, هل على والدي إثم عندما ترك والدتي بسبب المرض؟ ثانياً: هل يجوز أن أصلي وأصوم عنها أم لا؟

الجواب:

        أولاً: فيما يتعلق بأبيك من جهة أمك, لا يجب عليه أن يعالجها من المرض الذي حصل عليها، ولكن من مكارم الأخلاق ومحاسن العادات ومن صفات الوفاء أنه يكرمها ويسعى في علاجها بقدر ما يستطيع, يسعى ببدنه ويصرف من ماله, إذا كان مستطيعا، وإذا لم يكن مستطيعا فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها, وقد يكون كارهاً لها لسبب ما من الأسباب، قد يكون هذا السبب اختيارياً، وقد لا يكون اختيارياً, وقد يكون ناشئاً منه وقد يكون ناشئاً منها، وقد يكون ناشئاً منهما جميعا؛ لأن الزوج قد يكون هو السبب في البعد عن المرأة، وقد تكون هي السبب فقط, وقد يجتمع الأمران.

        وهذه الأمور كلها جاءت في القرآن الكريم، ففي قوله تعالى: "وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا"[1]، فهذا فيه إعراض ونشوز من الزوج، أما وقوعه منهما "وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا"[2]، فهذا يكون فيه سبب منه وسبب منها, وقد يكون السبب من ناحية الزوجة، قال تعالى: "وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ"[3] الآية، فهذا في ما يتعلق بوالد السائل من جهة أمه.

        وأما عمل الولد في كونه أخذها وفي كونه أحسن إليها فهذا من البر، وقد قال تعالى: "وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا"[4]، ومن توفيق الله -جل وعلا- للعبد أن يستعمله في رعاية والديه وفي برهما, فنسأل الله سبحانه وتعالى العفو عن والد السائل، ونسأله تعالى أن يزيد السائل توفيقاً، وأن يشفي والدته مما ألم بها، وبالله التوفيق.



[1] من الآية (128) من سورة النساء.

[2] من الآية (35) من سورة النساء.

[3] من الآية (34) من سورة النساء.

[4] الآية (23) من سورة الإسراء.