هل من حفظ القرآن الكريم وحفظ بلوغ المرام وعدداً من المتون العلمية وركز على كتب السنة وكتب شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم يعتبر من طلبة العلم؟
- فتاوى
- 2022-03-04
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (11682) من المرسل طالب علم، يقول: هل من حفظ القرآن الكريم واعتنى به، وحفظ بلوغ المرام وعدداً من المتون العلمية في العقيدة؛ ككتاب التوحيد، والواسطية والطحاوية، وثلاثة الأصول، والقواعد الأربع، وكشف الشبهات. وفي المصطلح البيقونية، ونخبة الفكر. وفي النحو الآجرومية. والورقات في الأصول والروضة، وعزم الاكتفاء بذلك توقف وركز جهده على كتب السنة وكتب شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم، هل يعتبر هذا من طلبة العلم الجادين. وهل يستطيع بذلك أن يكتفي؟
الجواب:
يقول الله -جل وعلا-: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}[1] هذه الآية تدل على أن الشخص يتلقى العلم من أهله.
ومن المعلوم أن هذه الشريعة الأصل فيها هو كتاب الله -جل وعلا-، وأنه يُبيّن بعضه بعضاً ؛ وكذلك سنة الرسول ﷺ يبين بعضها بعضاً، وهي مبينة للقرآن، كما قال -تعالى-: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}[2] وفهم القرآن وفهم السنة له وسائل.
وهذه الوسائل منها ما هو خاص، ومنها ما هو مشترك.
فالمشترك هو علم اللغة من جهة وضعها، ومن جهة استعمالها؛ وكذلك من جهة فقه اللغة، وعلم التصريف، وعلم الاشتقاق؛ وكذلك علم النحو، وعلم البلاغة: البيان، والمعاني، والبديع هذه كلها مشتركة بين القرآن وبين السنة؛ وكذلك أصول الفقه فإنه هو ميزان لفهم القرآن ولفهم السنة فهو مشترك أيضاً.
وفيه علوم القرآن هذه خاصة بالقرآن، وعلوم السنة هذه خاصة بالسنة، فلابد أن يكون الشخص على علم بهذه الوسائل؛ ولكن عن طريق العلماء المتخصصين فيأخذ كل علم من هذه العلوم من المتخصص فيه، فعندما يُريد أن يفهم القرآن يأخذه عن المتخصصين فيه؛ وهكذا بالنظر للسنة، وكذلك الفقه، وكذلك الأصول، وكذلك علم العقائد وما إلى ذلك.
أما كون الشخص يقرأ شيئاً من الكتب وبعد ذلك قد يفهمها على غير مراد أهلها. وذلك أن الشخص عندما يُريد أن يحدد المراد المتكلم من كلامه له أحوال:
الحالة الأولى: أن يكون فهمه مطابقًا لمراد المتكلم، وفي هذا يقول الرسول ﷺ: « إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران » فهذا المجتهد تطابق فهمه مع مراد الله -جل وعلا- أو مع مراد رسول الله ﷺ؛ وهكذا إذا نظر في كلام أحد من أهل العلم يريد أن يستفيد منه.
والحالة الثانية: أن يكون فهمه معاكساً لمراد المتكلم من كلامه، وفي هذا يقول الرسول ﷺ في المجتهد: « إن أصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر » هذا الخطأ يكون الشخص لم يصادف مراد الله من الدليل، ولم يصادف مراد الرسول ﷺ من الدليل؛ وهكذا لو أراد أن يستند على كلام عالم من العلماء من أجل أن يستأنس به لا من أجل أن يجعله دليلاً؛ لأن أقوال أهل العلم يُستدل لها ولا يُستدل بها.
والحالة الثالثة: أن يكون فهمه أعم من مراد المتكلم.
والحالة الرابعة:أن يكون فهمه أخص من مراد المتكلم، فيكون مراد المتكلم عاماً ويكون فهمه خاصاً، وتارة تكون النسبة بين فهمه وبين مراد المتكلم العموم والخصوص.
فهذه أمور كلها تعترض الإنسان عندما يقرأ كلام غيره؛ سواء ذلك من كتاب الله، أو من سنة رسول الله ﷺ؛ وكذلك إذا كان يقرأ في كتب العلم.
فكون الشخص يتلقى العلوم من أهلها كما ذكرت في بداية الجواب وهو قوله -تعالى-: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}[3] والحكومة -جزاها الله خيراً- جعلت في التعليم جميع العلوم التي يُحتاج إليها؛ سواء كان ذلك في العلوم الدينية، أو العلوم الدنيوية. وفيها مراحل يدخل الشخص في المرحلة التي تتناسب معه ويستمر.
أما ما يفعله بعض الناس ويعتبرون أن الدخول في سلك التعليم بدعة، وأن طلب العلم إنما يكون بهذه الطريقة، وهي طريقة أخذ العلم من هذه الكتب دون علماء؛ فلا شك هذا رأي غير صحيح. وبالله التوفيق.