حكم توبة مرتكب الكبائر ؛ كقتل النفس وشرب الخمر والعاصي لوالديه
- الإيمان
- 2021-06-11
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (99) من المرسل السابق، يقول: هل قاتل النفس عمداً وشارب الخمر وآكل الربا وعاصي والديه، هل له توبة عند الله عزوجل؟
الجواب:
من رحمة الله سبحانه وتعالى بعباده أنه فتح باب التوبة لهم، وهذا نوع من أنواع التكريم التي ذكرها الله -جل وعلا- في سورة الإسراء لقوله تعالى: "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ"[1]، فمن تكريمه لهم أن العبد إذا أذنب ورجع إلى ربه وندم على ما فعل وعزم على عدم العودة إلى الفعل الذي فعله وأقلع عن الذنب، فحينئذ يتوب الله -جل وعلا- عليه.
وفي هذا جاء قوله تعالى في سورة الزمر: "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ"[2].
وقد أجمع العلماء على أن هذه الآية في التائبين قبل الموت، فإذا تاب العبد من الشرك أو الكفر أو النفاق أو أي كبيرة من كبائر الذنوب كقتل النفس والزنا وشرب الخمر إلى غير ذلك من المعاصي يتوب الله -جل وعلا- عليه.
وقد جاءت آية قد يفهم منها أنه لا تقبل له توبة في سورة النساء، "وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا........"[3] الآية.
ففهم من عموم هذه الآية أنه لا بد من دخوله النار وأنه لا تقبل توبته، لكن جاءت آية الفرقان دالّة على النص على قبول توبته، وفي هذا يقول الله -جل وعلا-: "وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70)"[4]، فبين أنه إذا قتل النفس بغير حق وتاب، فإن الله يتوب عليه.
فالمقصود أن التوبة مما ذكره السائل ومن غيرها من الذنوب إذا توفرت شروطها وانتفت موانعها، فإن الله جل وعلا يقبلها.
ومما يحسن التنبيه عليه في هذا المقام هو: أنه يوجد اعتقاد عند طائفة من الناس أن الشخص إذا عمل معصية من المعاصي فحينئذ لا تقبل له صلاة ولا صوم ولا زكاة ولا صيام ولا حج، إذا شرب الخمر مثلا فإنه لا يقبل له عمل، وهذا مخالف لقول أهل السنة والجماعة، فإن عقيدة أهل السنة والجماعة في هذا المقام هو أنه يقال فيه أنه مؤمن بإيمانه وفاسق بكبيرته وأن عمله هذا لا يكون مؤثرا في أعماله الأخرى، فحسناته تحسب له وسيئاته تحسب عليه، وإذا مات على ذلك فهناك تكون المقاصّة يوم القيامة إن لم يعفُ الله -جل وعلا- عنه قبل إدخاله النار، وبالله التوفيق.