معنى الحديث الدال على أن الظلم ظلماتٌ يوم القيامة؟
- شرح الأحاديث
- 2021-08-06
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (7259) من مرسلة لم تذكر اسمها، تقول: أذكر حديثاً عنه ﷺ يدل على أن الظلم ظلماتٌ يوم القيامة، ما معنى هذا الحديث؟
الجواب:
يقول الله -جل وعلا-: "إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ"[1]، ويقول -جل وعلا- في الحديث القدسي: « يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا »، فالظلم محرمٌ.
ومن أنواع الظلم أن يظلم العبد ربه، ومنها أن يظلم نفسه، ومنها أن يظلم أحداً من الخلق، فظلم العبد لربه أن يصرف حقه لغيره، أو يجعل غيره شريكاً معه في حقه، ولهذا يقول -جل وعلا-: "إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ"[2]، فصرف العبد حقوق الله لغيره أو جعل غيره شريكاً مع الله في حقه هذا من الظلم.
وظلم العبد لنفسه أن يكون سبباً في عقوبتها، وذلك بترك واجبٍ أوجبه الله على العبد أو بفعل محرمٍ، فهذا من ظلم العبد لنفسه، ويكون فيه ظلمٌ لله من جهة أنه عصى الله -جل وعلا-.
وظلم العبد للناس هو أن يتعدى عليهم، والتعدي تارةً يكون بمنع الحق الذي أوجبه الله لهم، أو يكون هذا الحق أوجبه هو على نفسه لهم؛ المهم أنه حقٌ واجبٌ لهم عليه، بصرف النظر عن السبب فيمنعهم هذا الحق، أو يتعدى عليهم بفعل شيءٍ من المحرمات، هذا ظلمٌ لهم؛ هذا الظلم الذي يقع منه في الدنيا؛ إذا تاب منه قبل أن يموت فإن الله سبحانه وتعالى يقول: "قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ"[3]، والتوبة تجُبّ ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، وإذا كانت من حقوق الله فلا بدّ من الندم، ولا بدّ من الإقلاع من الذنب، ولا بدّ من العزم على ألا يعود إلى هذا الظلم، وإذا كانت من حقوق الناس فبالإضافة إلى هذه الشروط الثلاثة إذا كان حقاً مالياً يدفعه لصاحبه إلا إذا سمح عنه، فإن تعذر دفعه إليه تصدق به نيابةً عنه، وإذا كان من حق عرضه -ظلمه في عرضه- فإنه يستبيحه، إن تعذر ذلك فإنه يدعو له ويتصدق عنه؛ لكن إذا مات ولم يتب فبالنظر إلى ما إذا كان الظلم من الكفر الأكبر أو النفاق الأكبر أو الشرك الأكبر فهذا يوجب الخلود في النار، فالظلمات -هنا- بالنسبة لهذا الوضع يكون في جهنم، وإذا كان الظلم شركاً أصغر فإما أن يؤخذ من حسناته بقدر شركه، وإما أن يدخله الله النار ويطهره ومآله إلى الجنة.
وإذا كان الظلم من كبائر الذنوب فهو تحت مشيئة الله إن شاء عذّبه وإن شاء عفا عنه، وما كان من حقوق الخلق فإما أن يتحملها الله عن العبد، وإما أن يقتص من هذا الشخص الظالم للمظلوم، فيأخذ من الظالم حق المظلوم، يؤخذ من حسناته فإذا فنيت أُخذ من سيئات المظلوم وجعلت على الظالم.
فعلى هذا الأساس يحتاج الشخص إلى أن يفكر في نفسه ويحاسبها ويتخلص من جميع المظالم؛ سواءٌ كانت لله، أو لنفسه، أو كانت لأحدٍ من الخلق، يتخلص منها قبل الانتقال من هذه الحياة؛ لأن الله -تعالى- يقول: "فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)"[4]. وبالله التوفيق.