Loader
منذ سنتين

بيان معنى حديث عائشة -رضي الله عنها-: « يُصيبنا الحيض وكنا نؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة »


الفتوى رقم (1488) من المرسل م. ش، يقول: أرجو أن تتفضلوا بشرح حديث عائشة ل: " يُصيبنا الحيض وكنا نؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة ".

الجواب:

        هذا الحديث فيه بيان أن المرأة إذا أصابها الحيض، فلا يجوز لها أن تصوم في مدة الحيض، ولا يجوز لها أن تصلّي في مدة الحيض.

        وإذا فرضنا أنها صلّت أو صامت، فإن صلاتها غير صحيحة، وصيامها غير صحيح، ولما كانت الصلاة تتكرر في اليوم خمس مرات، وكان غالب عادة النساء سبعة أيام، وقد تصل إلى خمسة عشر يوماً، وقد يكون دون السبعة، كان من رحمة الله -جلّ وعلا- بعباده أن خفف عن الحائض قضاء الصلاة فأسقطها عنها، وهذا الحديث فرع من فروع قاعدة من قواعد الشريعة، وهذه القاعدة هي المشقة تجلب التيسير، وللتيسير وجوه كثيرة، منها: إسقاط العبادة عن الشخص من باب التخفيف عليه كما أسقطت هنا؛ لأنها لو أُمِرت بقضاء الصلوات لكان في ذلك مشقة عليها خارجة عن المعتاد، وباب الرُخَص الذي جاء في الشريعة هو من أجل التخفيف على المكلفين؛ حتى لا يقعوا في المشاق الخارجة عن المعتاد؛ أما المشاق المعتادة التي لا يخلو منها عمل، فهذه موجودة في سائر التكاليف.

        وأما الصيام فنظراً إلى أنه لا يتكرر إلا في السنة مرة واحدة، والحيض يأتي المرأة في الغالب في الشهر مرة، فكان قضاؤه لا يكون فيه مشقة خارجة عن المعتاد. ثم إنه وُسِّع على من كان عليه قضاء في رمضان، وسع عليه فيما بين نهاية الصيام من رمضان الذي ترك منه شيئاً إلى رمضان المقبل، هذه الفترة هي محل القضاء، ولو فرضنا أنه أدركه رمضان آخر، فإنه لا يسقط عنه القضاء؛ المقصود أن وقت القضاء موسع هذا من جهة.

 أما من جهة أخرى فإن الشخص الذي عليه قضاء، فإنه مخيرٌ بين أن يصوم الأيام متتابعة، أو أن يصومها متفرقة؛ لأن الله -تعالى- قال:"فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ"[1]، ولم يقيد ذلك بتفريق ولا بتتابع؛ كما قيده في بعض المواضع ككفارة القتل الخطأ في قوله -تعالى-:"فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ"[2]، وفي كفارة الظهار، وكفارة الجماع في نهار رمضان؛ فالمقصود أن الله -جلّ وعلا- رحيم بعباده. ومن المعلوم أن الرسول -صلوات الله وسلامه عليه-مبيّن لكتاب الله -جلّ وعلا- كما قال -تعالى-:"وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ"[3] فهذا البيان من الرسول ﷺ راجع إلى أصله من الكتاب. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (184)، من سورة البقرة.

[2] من الآية (92)، من سورة النساء.

[3] من الآية (44)، من سورة النحل.