Loader
منذ سنتين

هل هناك دعاء معين أو طريقة أتبعها من أجل ألّا أنسى القرآن؟


الفتوى رقم (9325) من المرسلة السابقة، تقول: أحفظ القرآن والحمد لله ولكنه يتفلت مني بسرعة، هل هناك دعاء معين أو طريقة أتبعها من أجل ألّا أنسى القرآن؟

الجواب:

        فيه أشخاص يعتنون بحفظ ألفاظ القرآن، ولكن دون فهم له والطريقة التي تساعد على حفظ القرآن من جهة وعلى ثباته من جهة أخرى هي ما يلي:

        أولاً: أن الشخص يحدد الموضوع الذي يريد أن يحفظه، ويكون هذا التحديد متناسباً مع موضوعات القرآن، فعلى سبيل المثال سورة البقرة تشتمل على موضوعاتٍ كثيرة، وإذا نظرنا إلى مقدمة هذه السورة وجدنا أن هذه المقدمة تشتمل على أربع آيات خاصة بالمؤمنين، وعلى آيتين بالكافرين وعلى ثلاث عشرة آية في المنافقين فإذا أراد أن يحفظ يحدد الآيات المتعلقة بالمؤمنين فقط، هذا هو الأمر الأول، وهكذا في سائر موضوعات كل سورة من السور المشتملة على أكثر من موضوعٍ واحد، بعدما يحدد الموضوع يأتي.

        ثانياً: هذا الموضوع يشتمل على مفردات القارئ لا يدرك معناها فيحتاج إلى أن يفهم المعاني لهذه المفردات وذلك عن طريق كتب اللغة، وإذا كان مدلول الكلمات شرعياً فإنه أيضاً يرجع إلى ما يفسر هذه الكلمات من الناحية الشرعية.

        ثالثاً: أن هذه الآيات قد يكون لها سبب نزول فيبحث هل هذه في كتب أسباب النزول هل هذه الآيات لها سبب نزولٍ أم أنها نزلت ابتداءً،

        وذلك أن القرآن ثلاثة أصناف:

        الصنف الأول: ما ورد سبب النزول فيه مقترناً به، وهذا يندرج في جميع ما وقع في القرآن من جهة تقديم سؤال مثلاً في قوله -تعالى-: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا}[1]، {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ}[2]، {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ}[3]، إلى غير ذلك.

        الصنف الثاني: ما له سبب ولكنه لم يذكر في الآية، وفيه كتب خاصة في هذا الموضوع.

        والصنف الثالث: ما نزل ابتداءً من غير سببٍ مقترن به، ومن غير سببٍ يذكر في الكتب التي ألفت في هذا الموضوع، فيتبين للشخص أن هذه الآيات التي يريد أن يحفظها هل اقترن بها سببها؟ هل لها سبب نزولٍ؟ وبعد ذلك ما هو سبب النزول؛ لأن سبب النزول يوضح معنى الآية، أم أنها نزلت ابتداءً؟

        وبعد معرفة سبب النزول تأتي مرحلةٌ أخرى، هذه المرحلة هي أن هذه الآيات هل هي محكمة؟ أو طرأ نسخٌ عليها؟ أو طرأ  نسخ على شيءٍ منها؟ المهم هو التحقق من سلامة ما يريد أن يحفظه، التحقق من سلامته من النسخ، وبعد ذلك يفهم ما هو الناسخ.

        وبعد هذه المرحلة يرجع إلى معاني الآيات؛ يعني: المعنى العام لهذه الآيات هذه الآيات بما أنه عرف موضوعها أولاً.

        بعد هذه المرحلة تأتي مرحلة أخرى وهي: النظر فيما اشتملت عليه هذه الآيات من الأحكام، فينظر في كتب أحكام القرآن، وبعد ذلك يحصر الأحكام التي اشتملت عليها هذه الآيات، هل اشتملت على حكم أو حكمين أو ثلاثة أو أربعة أو أكثر من ذلك، ويتصور هذه الأحكام.

        بعد هذه المراحل يأتي دور الحفظ، وفي مراحل كثيرة تقريباً هي تبلغ تقريباً خمس عشرة مرحلة؛ لكن هذه الأمور التي ذكرتها لا بدّ منها للشخص الذي يريد أن يحفظ القرآن؛ وكذلك تساعد على ثبات القرآن؛ لأنه فهم المعنى قبل أن يحفظ اللفظ فتساعده في قراءته عن ظهر قلب، وتساعده -أيضاً- في الرجوع إليها من ناحية ما إذا كان مدرساً، أو كان قاضياً، أو كان مفتياً، أو كان داعيةً إلى الله، أو كان من أهل الحسبة عندما يحتاج إلى آيةٍ مناسبةٍ للمقام يجد أن المعنى أسبق من اللفظ إليه، ويساعده ذلك على أداء عمله. وبالله التوفيق.



[1] الآية (42) من سورة النازعات.

[2] من الآية (217) من سورة البقرة.

[3] من الآية (222) من سورة البقرة.