Loader
منذ 3 سنوات

تفسير قول الله -تبارك وتعالى-:" أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ ....."


  • التفسير
  • 2021-07-09
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (5457) من المرسلة ق. ص. غ، تقول: ما تفسير قول الله -تبارك وتعالى-:"أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ"[1]؟

الجواب:

        هذه الآية من الآيات التي جاءت في القرآن دالة على اليسر وعلى السهولة والرفق بهذه الأمة. وكان الشخص في أول الإسلام إذا أفطر فله أن يتصل بزوجته ما لم يصلّ العشاء أو ينام، فإذا صلى العشاء أو نام فإنه لا يجوز له أن يتصل بها. وفي ذلك مشقةٌ فالله سبحانه وتعالى نسخ ذلك فأباح للإنسان أن يتصل بزوجته خلال الليل، فهذه الآية فيها بيانٌ لرفق الله -جلّ وعلا- بهذه الأمة. والآيات التي جاءت دالةً على تيسير الله -جلّ وعلا- كثيرة في القرآن، وأبلغ آية جاءت في القرآن بهذا الخصوص قوله -تعالى-: "مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ"[2]، ومن ذلك -أيضاً- قوله -تعالى-: "لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا"[3]،"لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا"[4]، "لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا"[5].

        وكما أن الله -جلّ وعلا- منع وقوع المشقة على خلقه في تشريعه إذا كانت هذه المشقة خارجةً عن المعتاد، ونقلهم منها إلى الرخصة إلا ما جاء استثناؤه، فالشرك الأكبر لا يباح للإنسان أن يباشره إذا كان يخشى على نفسه من القتل ومن الأذى والزنا لا يجوز للإنسان أن يقدم عليه إذا هدد بالقتل، ولا يجوز -أيضاً- للشخص أن يقدم على قبول الإكراه من شخصٍ إذا أكرهه على قتل شخص آخر؛ فالزنا وقتل النفس والشرك بالله هذه أمورٌ لا يُقدم عليها الإنسان أخذاً بقوله -تعالى-: "مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ"[6].

        وبناء على ذلك لا ينبغي للشخص أن يوقع نفسه في الحرج، ولا ينبغي له -أيضاً- أن يوقع غيره ممن تحت يده في الحرج؛ فهذه شريعة يسرٍ من جهة التشريع، ومن جهة تطبيق الإنسان هذه الشريعة على نفسه، وتطبيقه هذه الشريعة على غيره فيما يكون داخلاً تحت ولايته؛ ولهذا يقول ﷺ: « اللهم من ولي من أمور أمتي شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه ». وبالله التوفيق.



[1] من الآية (187) من سورة البقرة.

[2] من الآية (6) من سورة المائدة.

[3] من الآية (186) من سورة البقرة.

[4] من الآية (152) من سورة الأنعام.

[5] من الآية (233) من سورة البقرة.

[6] من الآية (6) من سورة المائدة.