حكم الدعوة إلى الله في أماكن شرب الخمور والمخدرات
- فتاوى
- 2021-09-24
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (1767) من مرسل لم يذكر اسمه، يقول: هل تجوز الدعوة إلى الله في المكان الذي يُشرب فيه الخمر والمخدرات؛ وذلك بحجة تأليف القلوب؟
الجواب:
الدعوة إلى الله من أفضل الأعمال التي يعملها الإنسان، قد تكون بالقول، وقد تكون بالفعل، وقد تكون بالكفّ؛ والداعية إلى الله مع من يدعوه هو بمنزلة الطبيب مع المريض، والدعوة -أيضاً- لا بدّ من مراعاتها زماناً ومكاناً وحالاً؛ يعني: إن الذي يدعو إلى الله لا يدعو إلا في المكان المناسب، والوقت المناسب، والحال المناسبة؛ لأنه قد يدعو إلى الله؛ ولكن يترتّب على دعوته إلى الله حصول مفسدةً أعظم من المصلحة التي يريدها.
وبناءً على ما تقدّم فإن ما ذكره السائل من المكان الذي تُفعل فيه المحرمات التي أشار إليها من شرب الخمر وغيره؛ إذا كان هذا الشخص باستطاعته أن يبيّن ما يبرئ ذمته فيما بينه وبين الله -جلّ وعلا- بدون أن تحصل مفسدةٌ عظيمةٌ على دعوته؛ فهذا من أفضل الأعمال التي يعملها، ولهذا يقول الله -جلّ وعلا-:"ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ"[1].
فإذا كان هؤلاء الأشخاص ممن يدعوهم بالحكمة، وإذا كان من النوع الذي تنفع فيه الموعظة يعظهم، وإذا كان من النوع الذي يكون عندهم نقاش؛ فإنه يجادلهم بالتي هي أحسن، وقد بيّن النبي ﷺ درجات تغيير المنكر بقوله ﷺ: « من رأى منكم منكراً فليغيره بيده؛ فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه... » الحديث.
فهذا يبيّن أن الشخص يغيّر المنكر بحسب استطاعته، وبحسب ما يحققه من المصلحة، ويدرأ من المفسدة ولا يكون عشوائياً في دعوته إلى الله -جلّ وعلا - لا يفكر فيما يترتّب على دعوته من المفاسد؛ بل يستمر في دعوته وإن ترتب عليها مفسدةٌ عظيمة، وهذا يدل على عدم البصيرة عند هذا الداعي؛ لأن الداعية لا بد أن يكون بصيراً في الأمور من جميع النواحي؛ إضافةً إلى أن يكون عالما ًبالشيء الذي يريد أن يدعو به الناس، وإذا توفرت لديه هذه الأمور، فقد يُنال بأذى؛ ولكن عليه أن يصبر؛ لأنه كلما تمكّن الشخص من فعل الخير، فإنه قد يناله شيء من الأذى؛ ولكن عليه أن يصبر، وأن يحتسب.
ومن جهةٍ أخرى -أيضاً- عليه أن يطبّق ما يدعو إليه على نفسه، فبعض الدعاة يدعون إلى الخير، ولكنهم قد لا يفعلون بعض الأشياء، وتكون ظاهرةً للناس، وينتقد عليهم فيها، فقد ينهون عن بعض الأشياء، وهم متلبّسون بشيء من المحرمات؛ وحينئذٍ يكون هذا مأخذاً على الداعية إلى الله -جلّ وعلا؛ إضافةً إلى أنه لا بدّ من حسن القصد وإذا توفرت هذه الأمور؛ فإن ما أشار إليه السائل في سؤاله من جهة أنه يدعو هؤلاء الأشخاص؛ فإنه لا مانع من ذلك. وبالله التوفيق.