حكم أكل القات
- المصالح والمفاسد
- 2021-07-11
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (5646) من المرسل السابق، يقول: ما حكم أكل ورق الشجر الأخضر المسمّى عندنا القات؛ وخاصة أنه يشبه المسكر؛ حيث إن الشخص عندما يأكل يكون نشيطاً، ويفكّر في مشاريع وبأعمال كثيرة؛ ولكنه يجلب السهر، وبعد أن يبعده الإنسان عن فمه يتضجر وتبدأ عليه الأفكار والوساوس، وربما بقي على ذلك الحال إلى الصباح وربما أضاع صلاة الفجر؛ لأنه ينام وقت صلاة الفجر؟
الجواب:
يقول الله -تعالى-: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ"[1]، هذه الآية فيها بيان إباحة الأكل من الطيبات من المأكولات والمشروبات.
والمشروب يكون طيباً في مذاقه من جهة، وفي عاقبته من جهة أخرى. والمأكول يكون طيباً في كسبه وفي مذاقه وفي عاقبته؛ بمعنى: إنه يترتب عليه مصلحة في عاقبته وهو النفع في البدن، ويكون هذا النفع مرتباً على سببٍ مشروع. والسبب المشروع هو أكل هذا المطعوم وكذلك المشروب؛ لأن من القواعد المقررة في الشريعة أن الأسباب المشروعة تترتب عليها مصالح مشروعة، وإن الأسباب غير المشروعة تترتب على مباشرتها مفاسد ليست بمشروعة.
وعلى هذا الأساس يُنظر إلى ما سألت عليه السائلة باعتبار ما يترتب عليه من آثارٍ سيئة ذكرت طرفاً منها، وذكرت -أيضاً- بعض المنافع، والله سبحانه وتعالى قال: "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا"[2]، فإذا كان الشيء مشتملاً على منفعة وعلى مضرة، وضرره مثل نفعه، أو ضرره أكثر من نفعه؛ فإن النفع يكون بمنزلة الشيء المعدوم؛ لأن ضرره إذا ساوى نفعه فمن قواعد الشريعة أن درء المفاسد مقدمٌ على جلب المصالح. وهذه القاعدة تنطبق على هذه الصورة؛ يعني: تنطبق على ما تساوت مصلحته ومفسدته في نظر المجتهد. أما إذا كانت مفسدته راجحة فتتناوله الآية: "قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا"[3]، فينزل النفع منزلة المعدوم؛ لأن الشارع لم يعتبره بل اعتبر جانب المفسدة. والقات هو من النوع الذي إثمه أكبر من نفعه؛ فحينئذ يكون محرماً تطبيقاً على هذه القاعدة. وبالله التوفيق.