Loader
منذ 3 سنوات

حكم ترك الرجل الصلاة مع الجماعة وصلاتها في البيت


  • الصلاة
  • 2021-12-04
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (2492) من المرسل السابق، يقول: رجلٌ يصلّي الأوقات الخمسة ويحافظ عليها بانتظام؛ لكنه لا يصلّيها في المسجد بل بالمنزل، ماعدا صلاة الجمعة فإنه يصلّيها بالمسجد، فهل صلاته صحيحة؟

الجواب:

 صلاة الجماعة مفروضة، واظب عليها الرسول ﷺ في حياته، وحافظ عليها خلفاؤه وصحابته، والقرن الثاني، والقرن الثالث، وجاءت الأدلة الشرعية على وجوب المحافظة عليها في الحضر وفي السفر، حتى في شدة الخوف، يصلّون جماعةً وهم مقابلون للعدو. وتوعد الرسول ﷺ المتخلفين عنها.

        واختلف العلماء في صحة صلاة الإنسان في بيته إذا ترك الجماعة اختياراً دون عذر؛ بمعنى: إنه يسمع المؤذن ويستطيع أن يذهب إلى المسجد؛ ولكنه يتأخّر اختياراً ويصليّها في بيته. وبعض الناس عنده جرأة ويقول: أنا يكفيني جزءٌ من سبعةٍ وعشرين جزءاً. والصلاة في المسجد لها فضلٌ عظيم؛ لأن صلاة الرجل في المسجد تعدل صلاته في بيته سبعةً وعشرين جزءاً؛ بمعنى: إنه يحصل له هذا الفضل العظيم إذا صلّاها في المسجد، وإذا صلّاها في بيته تحصّل على جزءٍ من هذه الأجزاء، فتكون عنده جرأةٌ على الله، ويقول: أنا يكفيني هذا الجزء، ولا شك أن هذا أمرٌ لا يجوز، ولهذا من العلماء من قال: إن الإنسان إذا صلّى في بيته دون عذرٍ، فصلاته ليست صحيحة، ويعتبرون أن صلاة الجماعة شرطٌ في صحة الصلاة. ومنهم من يرى أن صلاة الجماعة واجبةٌ، وأنه إذا تركها بدون عذر، فإن صلاته صحيحة، ولكنه يكون آثماً، فلا ينبغي للإنسان أن يتساهل في هذا المجال؛ لأن الإنسان يعمل لنفسه، وليس يعمل لغيره، والله -جلّ وعلا- غنيٌ عن العالمين، ولهذا يقول في الحديث القدسي: « لو أن أوّلكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا في صعيدٍ واحدٍ فسألوني فأعطيت كلّ واحد ٍ مسألته، ما نقص ذلك من ملكي شيئاً، إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل في البحر. ولو أن أنسكم وجنّكم... »[1] إلى آخر الحديث.

 يعني: كانوا على أفجر قلب رجل، ما نقص ذلك من ملكي شيئاً، ولو كانوا على أتقى قلب رجل ما زاد ذلك في ملكه شيئاً. فإذا الناس سألوا الله وأعطى كلّ شخصٍ مسألته، ما نقص ذلك من ملكه شيئاً، ولو كانوا على أتقى قلب رجلٍ ما زاد ذلك من ملكه شيئاً، ولو كانوا على أفجر قلب رجلٍ ما نقص ذلك من ملكه شيئاً، فحينئذٍ هو -جلّ وعلا- له الغِنى المطلق. هو الذي خلقنا من العدم، وهذا بفضله، وهو الذي هدانا للإسلام، وهذا بفضله، وهو الذي رزقنا، وتفضّل علينا، وأعاننا على أداء هذه العبادة، فلماذا يمن العبد بنفسه على ربه، ويقصّر في مجال الأوامر، ويقول: أنا يكفيني أجر صلاتي في البيت، ولست بحاجةٍ إلى أجر صلاتي في المسجد. لا شك أن هذه جرأة عظيمة، فعلى العبد أن يتقي الله في نفسه، وأن يتقي الله فيمن ولاه لله أمره. وبالله التوفيق.



[1] أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم (4/1994)، رقم(2577).