Loader
منذ 3 سنوات

معنى قاعدة الأصل في العبادات التوقف


الفتوى رقم (6092) من المرسل السابق، يقول: أسمع من العلماء أن الأصل في العبادات التوقف، وإذا عرض عليهم سؤال حول إهداء بعض الأعمال للميت منعوا ذلك بسبب هذه القاعدة، مع العلم أنها مطردة بسبب جملة من الأحاديث التي أجازت الحج والصوم عن الغير ودفع الدّين إلى غيرها من الأمور، فكيف تكون القاعدة مع وجود الاستثناءات المذكورة؟

الجواب:

        من المعلوم أن الأصل في العبادات هو التعبد. ومعنى التعبد هو: أنه مطلوبٌ من الشخص أن يباشر العمل بنفسه فلا يؤمن أحدٌ عن أحد، ولا يوّحِد أحدٌ عن أحدٌ، ولا يتوضأ أحدٌ عن أحدٌ، ولا يصلي أحدٌ عن أحدٌ.

        وما جاء مما ذكره السائل من ناحية الصيام والحج، فهذا قد ورد فيه الدليل، الرسول ﷺ قال: « من مات وعليه صومٌ صام عنه وليه »، وفي بعض الروايات « من مات وعليه صوم نذرٍ صام عنه وليه »[1].

        فالمقصود هو أن الاستثناء من الصيام جاء بالدليل الشرعي؛ وهكذا بالنظر للنيابة في الحج فإن امرأة استفتت النبي ﷺ عن أبيها أنه لا يستطيع الثبات على الراحلة فأفتاها بأنها تحج عنه. وسئل عن عدة أسئلة بالنظر إلى الحج عن الغير سواء ٌكان حياً عاجزاً عن الحج أو كان ميتاً فأفتى بالنيابة.

        وعلى هذا الأساس فالاستثناء في الصيام والحج جاء من الرسول ﷺ؛ وهكذا بالنظر للأمور المقدرة كالفرائض، وكذلك الحدود؛ هذه
-أيضاً- الأصل فيها التوقيف فلا يُزاد فيها ولا يُنقص. والحدود لا تقام إلا عمن يستوجب الإقامة عليه فلا ينوب فيها أحدٌ عن أحد، فلو استحق شخصٌ أن تقطع يده وقدم ابنه أو أخاه مثلاً لا يجوز قطع يد هذا الشخص المقدم؛ وإنما يطبق قوله-تعالى-:
"وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا"[2] وهكذا.

        وكذلك بالنظر إلى العقوبات البدنية التعزيرية هذه -أيضاً- لا ينوب فيها أحدً عن أحد.

        المقصود هو أن طالب العلم لا بد أن يميز بين ما تجوز فيه النيابة وما لا تجوز فيه النيابة؛ أما ما كان من باب الصدقات المالية؛ مثلاً إنسان يريد أن يتصدق أو يدعو فلا مانع من ذلك؛ فالمقصود أنه لا يستثنى من العبادات إلا ما دل عليه الدليل. وبالله التوفيق.



[1] أخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده(2/361)، رقم(900).

[2] من الآية (38) من سورة المائدة.