Loader
منذ 3 سنوات

حكم هجر الرجل لفراش زوجته أكثر من سنة وحكم دعائها عليه


الفتوى رقم (5819) من المرسل السابق، يقول: رجل هجر زوجته في الفراش لأكثر من سنة، ما حكم عمله هذا؟ وهل لو دعت عليه تكون دعوتها كدعوة المظلوم؟

الجواب:

        هجر الزوج لزوجته عقوبة من العقوبات. وقاعدة الشريعة في العقوبات الدنيوية أنها على قدر المصالح، وهذا بخلاف العقوبات الأخروية فإنها على قدر الأسباب؛ يعني: على قدر الجرائم.

        وبناءً على قاعدة أن العقوبات الدنيوية على قدر المصالح، وأن هذا الهجر عقوبة من العقوبات فإنه ينبغي النظر من ناحية الزوجة هل ارتكبت جريمة تكون سبباً لترتيب الزوج لهذه العقوبة على هذا السبب. وإذا كان قد حصل من الزوجة سببٌ يوجب عقوبة فينبغي -أيضاً- على الزوج أن ينظر إلى العقوبة التي يريد أن يعاقب زوجته بها هل هذه العقوبة حاصلة بسبب أم أنها مجرد تشهٍّ وعدوان وسيطرة من الزوج؟ أم أن المرأة عملت سبباً يمكن أن يعالج دون الهجر؟ أو أن العلاج للهجر بهذه المدة يكفي بعضه؟ فالزوج مع زوجته يكون كالطبيب مع المريض في حالة ما إذا حصل منها مخالفة فلا بدّ من تحقق تعمدها لهذه المخالفة، والبحث عن الوسيلة التي يمكن أن تعالج بها هذه المخالفة؛ هذا من جهة مخالفة المرأة لزوجها؛ لكن مخالفة الرجل لزوجته كما إذا حصل منه تقصيرٌ في حق من حقوقها الواجبة عليه شرعاً وهو يستطيع أن يقوم بها، والزوجة لا تستطيع أن تأخذ حقها منه.

        فعلى كلّ واحدٍ من الزوجين أن يتقي الله بالآخر وأن يعامله بالمعروف، يطلب حقه منه، ولا يتعدى عليه بشيءٍ من الأمور التي حرمها الله -جلّ وعلا-، فقد قال -تعالى-:"وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ"[1]، وقال تعالى: "وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ"[2]، وإذا كان ذلك كذلك فكلّ واحدٍ منهما ينبغي أن يعرف ماله وما عليه، فماله يطلبه وما عليه يؤديه، وبهذا تستمر العلاقة بين الزوجين تكون هذه العلاقة حسنة وتتعدى -أيضاً- إلى الأولاد، وهذا بخلاف ما إذا كانت العلاقة سيئة والسبب هو المرأة أو السبب هو الزوج؛ فإن هذا يتعدى إلى الأولاد يتضررون مما يشاهدون ويسمعون من والدتهم ومن والدهم. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (19) من سورة النساء.

[2] من الآية (228) من سورة البقرة.