حكم موالاة الشخص الذي لا يصلي
- فتاوى
- 2021-06-26
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (758) من المرسل السابق، يقول: هل يجوز للشخص الذي يصلّي أن يصاحب ويرافق شخصاً لا يصلّي ويقدم له المساعدة، ويكون بينهما موالاة؟ أم لا يجوز؟
الجواب:
العلاقة التي تكون بين شخص وآخر، قد تكون علاقة هي أرقى العلاقات، وهي المحبة في الله، ويكون هذا هو الذي يربط بين هذين الشخصين، كلّ واحد منهما يحب الآخر محبة في الله -جلّ وعلا-، لا يريد منه مالاً ولا جاهاً، ولا جلب نفع يقدر عليه، ولا دفع ضر يقدر عليه؛ فهذه العلاقة يؤجر عليها كلّ منهما، وهذه هي التي تبقى كما قال تعالى: "الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ"[1].
يعني: يوم القيامة العلاقات تنفصل إلا العلاقة التي تكون بين العبد وبين الآخر في الله في الآخرة، ولهذا يقول الله: "يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37)"[2] فعلاقة البنوة والأبوة والأخوة والزوجية والأمومة كلها لا تنفع؛ ولكن العلاقة التي تكون بين العبد والآخر لوجه الله؛ هذه محبة في الله وجزاؤها عند الله.
ومن الناس من تكون العلاقة بينهم علاقة من أجل مصالح دنيوية فيما بينهم، والدِّين ليست له قيمة أصلاً في نفوسهم، والعلاقة من أجل جلب نفع، أو دفع ضر، أو حصول جاه ولا دخل للدّين؛ بل يغلبون هذا الجانب على جانب الدِّين؛ بمعنى: لو تعارض الدِّين وما يحقق لهم المصلحة؛ فإنهم يغلبون المصلحة على الدِّين كما ذكر السائل، فالشخص الذي لا يصلّي لا يجوز لشخص أن يقترن به، وأن يحترمه ويقدره، ويخدمه ويواليه، قال تعالى: "لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ"[3].
فالحاصل: أن العلاقة إذا حققت مصلحة محضة أو راجحة -يعني شرعية-، فلا مانع منها، وإذا حققت مفسدة محضة أو راجحة أو مساوية للمصلحة المرجوة؛ فلا تجوز؛ لأن هذا من التعاون على الإثم والعدوان.
وكذلك إذا كانت الصحبة تفوّت مصلحة عظيمة لحصول مصلحة صغيرة، أو توجب ارتكاب مفسدة كبيرة مع تفويت صغيرة؛ فهي كالسابقة.
وعلى العاقل أن ينظر لنفسه، وإلى الأمور التي يقوم بها، وللأشخاص الذين يتم اختيارهم، عليه أن يتأكد من صلاحهم واستقامتهم، فهؤلاء الذين يصلحون للإنسان؛ أما ارتباطه بأشخاص يعود عليه هذا الارتباط بالضرر في بدنه وعرضه وماله وجاهه وأهله وعقله إلى غير ذلك من الأمور التي لا تخفى، فهؤلاء قرناء السوء، ودلت الأدلة على أنه لا يجوز الارتباط بهؤلاء. وبالله التوفيق.