نصيحة لمن ضيّع أمانة الدِّين وأمانة الأولاد
- تربية الأبناء والتعامل معهم
- 2022-01-28
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (9619) من مرسل لم يذكر اسمه، يقول: ضيّع الكثير من الناس في هذا الزمن الأمانة: أمانة الدِّين وأمانة الأولاد، هل من نصيحة حول هذا جزاكم الله خيراً؟
الجواب:
يقول الله -جلّ وعلا-: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا}[1]، وهذه الأمانة التي ذكرها الله -جلّ وعلا- في هذه الآية هي أمانة الدِّين بجميع أصوله وجميع فروعه.
والإنسان الذي تحّملها كل شخص بحسب ما كلفه الله به من فرض العين، أو فرض الكفاية، فحينئذٍ جميع الحوادث التي تحدث من الناس هذه تعرض على كتاب الله وعلى سنة رسوله ﷺ فإذا حصل تطابق بينها وبين ما دل عليه القرآن والسنة فيكون الشخص قد أدى الأمانة في هذا الأمر.
وإذا حصل اختلاف بينهما؛ بمعنى: إن الأمر بالأمانة في هذه المسألة من جهة والأداء في جهةٍ أخرى فإن هذا يكون من باب الخيانة.
وإذا نظرنا إلى أعمال المنافقين جميعاً؛ سواء كان النفاق أكبر، أو كان النفاق أصغر وجدنا أن هذا خيانة للأمانة التي تحملها الإنسان، ولهذا يقول -جلّ وعلا-: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ}[2]، ويقول -جلّ وعلا-: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ}[3]، ويقول الله لنبيه ﷺ: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ}[4]، فالمنافق نفاقاً أكبر أو منافق نفاقاً أصغر هذا خارجٌ عن طريق الاستقامة، وهكذا بالنظر للمشرك شركاً أكبر أو شركاً أصغر هذا خارجٌ عن طريق الاستقامة؛ لكن إن كان شركاً أكبر فهو خروجٌ كلي، وإن كان شركاً أصغر فهو خروجٌ لا يخرجه عن ملة الإسلام؛ وهكذا بالنظر للكفر الأكبر: الكفار الموجودون -الآن- على وجه الأرض كلهم داخلون في هذه الآية من ناحية تحمل الأمانة التي كلفوا بها، وهم مسؤولون عنها يوم القيامة، فالأعمال التي يعملونها وهي مخالفةٌ لدين الإسلام يكون هذا من باب خيانة الأمانة؛ وهكذا بالنظر للمعاصي؛ يعني: كبائر الذنوب. المسلم الذي يتجرأ ويعمل كبيرةً من كبائر الذنوب، كبيرة تعلقت بالعقل مثل شرب الخمر، أو تعلقت بالعرض مثل الزنا، مثل اللواط، مثل السحاق بين النساء، ومثل العادة السرية؛ كلّ هذا من باب الخيانة.
أو تعلقت بالمال من ناحية المعاملات المحرمة؛ يعني: كسب المال من غير طريقٍ شرعي، أو إنفاق المال بغير طريقٍ شرعي، كل هذا من باب الخيانة في المال؛ وهكذا بالنظر لأخذه بطريق الغصب، أو بطريق السرقة، أو بطريق الرشوة، أو بأي طريقٍ محرم.
وهكذا بالنظر لخيانة النفس مثل الإنسان يعتدي على شخصٍ مثل القتل العمد العدوان، فهذا -أيضاً- خيانة للأمانة بالنسبة للنفس.
المقصود أن الشخص عندما يفعل أمراً محرماً لا يخرجه عن الإسلام، أو يترك واجباً لا يخرجه عن الإسلام، فهذا يعتبر معصية، ويكون قد خان الأمانة التي بينه وبين الله -جلّ وعلا- في هذه المسألة. وبناءً على ذلك فإن جميع المخالفات التي تقع من الخلق وهم لا يعذرون فيها، فإنها خيانة لهذه الأمانة التي تحملها الإنسان، والله -تعالى- يقول في موضعٍ آخر: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}[5].
وقوله: إِلَى أَهْلِهَا لأنه فيه أمانة بين العبد وبين الله في حقوق الله، وبين العبد وبين نفسه في حقوق النفس، وبين العبد وبين الخلق في الحقوق التي بينه وبينهم، فهو مسؤولٌ عن جميع ذلك. وبالله التوفيق.