Loader
منذ 3 سنوات

حكم ضرب الزوجة العنيدة


الفتوى رقم (6749) من المرسل السابق، يقول: زوجتي عنيدة جداً سليطة اللسان إلى حد بعيد، وأنا رجل ملتزم ومتدين والحمد لله وعاقل كما يشهد لي بذلك الجميع؛ ولكن مع عناد زوجتي الشديد وتطاولها عليّ ورغم تحملي إلا أنني في بعض الأحيان أفقد أعصابي وأتهور عليها بالضرب، ثم أعود وأندم على ذلك وأكره ذلك، ثم تعاود الكرة هي رغم أنني نصحتها كثيراً بالتعقل والهدوء ولكن دون فائدة، وقد وسطت بعض أقاربها دون فائدة، أرجو من فضيلتكم توضيح الأمر لي أحسن الله إليكم.

الجواب:

        بعض الرجال إذا سأل عن مشكلةٍ وقعت بينه وبين زوجته لا يذكر إلا مساوئ زوجته، ولا يذكر المساوئ التي وقعت منه على زوجته، وقد تكون مساوئه هي السبب. وبعض النساء إذا كانت تسأل عن مشكلة بينها وبين زوجها فإنها تذكر مساوئه؛ ولكنها لا تذكر المساوئ التي تصدر منها عليه، وقد تكون مساوئها هي السبب الذي نشأ عنه الإساءة إليها من الرجل.

        والعلاقة الزوجية ذكرها الله -جل وعلا- بقوله تعالى: "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ"[1]، وفي قوله -تعالى-: "وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ"[2]، وبقوله -تعالى-: "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ"[3].

        وجاءت أدلة كثيرة تدل على العلاقة بين الرجل وبين المرأة العلاقة الشرعية؛ لكن قد يتسلط الرجل على المرأة ويكون متجرداً عن معرفة الأمور التي له عليها، وقد تتسلط المرأة على الرجل فتخرج عن الحدود التي وضعها الشارع لها، والمتعين على كل واحدٍ من الزوجين أن يفهم ما له وما عليه في حدود الأمور المشروعة؛ لا في حدود الهوى والرغبة ومحبة السيطرة على المرأة، فيطلب منها ما له، ويؤدي لها ما عليه. وإذا أشكل عليه شيءٌ فإنه يسأل أهل الذكر؛ وهكذا بالنظر للمرأة عليها أن تفهم الأمور التي لها والأمور التي عليها فتؤدي الأمور التي عليها لزوجها، وتطلب الحق الذي لها، فلا تتعدى في مطالبة الحق الذي لها، ولا تقصّر عن أداء الحق الذي عليها.

        ومن المعلوم أن الإنسان بشر، وأن البشر يخطئ فقد يقع خطأ أو تعمد من الزوج، وقد يقع خطأٌ أو تعمدٌ من الزوجة، وإذا كان هذا الخطأ أو التعمد يدخل في دائرة حقوق الشخص التي يملك العفو عنها فهذا خيرٌ إذا وقع ذلك من الزوج على الزوجة فهي تسمح له، وإذا وقع ذلك من الزوجة على الزوج فإنه يسمح عنها؛ لعموم قوله -تعالى-: "وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33) وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35)"[4]، وقد يكون الشيطان معوقاً عن المضي في ذلك بدلالة قوله -تعالى-: "وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ"[5] فعلى العبد إذا وقع في نفسه الامتناع من ذلك فإن هذا من نزغة الشيطان عليه أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (19) من سورة النساء.

[2] من الآية (228) من سورة البقرة.

[3] من الآية (34) من سورة النساء.

[4] الآيات (33- 35) من سورة فصلت.

[5] الآية (36) من سورة فصلت.