Loader
منذ سنتين

حكم الاستدلال بالعادات في مسائل ؛ كالاختلاط


  • فتاوى
  • 2021-12-15
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (4019) من المرسل السابق، يقول: كثير من الناس إذا نُوقشوا في بعض المسائل يقولون: إن هذا من عاداتنا وتقاليدنا، ولا سيما في اختلاط النساء مع الرجال، وما أشبه ذلك، هل من كلمة جزاكم الله خيراً؟

الجواب:

        العادات التي يتعودها الناس قسمان: القسم الأول: العادات التي تكون واردةً على الناس من الناحية الشرعية، أي: إنهم يُطبقون مقتضى الأدلة الشرعية، كلٌ على حسب حاله، هذه العادات التي تعودوها موافقةٌ للشرع.

        والقسم الثاني: اعتاده الناس، ويكون مخالفاً للأدلة الشرعية، كاعتيادهم على ترك شيءٍ من الواجبات، أو فعل شيءٍ من المحرمات، وهذه العادات مُخالفة للأدلة الشرعية، واعتياد الناس لها لا يكون مبرراً للقول بأنها جائزة، فيتعودون على اختلاط الرجال والنساء في مكانٍ واحدٍ، مع كشف النساء وجوههنّ، وقد يكون مع هذا الاختلاط عمل شيءٍ من الأمور التي ليست بمشروعة. وكذلك قد يكون من العادة: سفر المرأة بدون محرمٍ، أو خلوة الرجل بالمرأة على أي وجهٍ من وجوه الخلوة، فهذه الأمور وما شاكلها من عادة الناس وليست حجةً في إباحة هذا العمل، بل هو عملٌ مخالفٌ للشرع، ولهذا لما جاءت الشريعة أقرت من الأمور التي كانت معتادةً بين الناس في الجاهلية أقرت الشريعة منها ما كان حسناً، وأنكرت الشريعة ما كان منها قبيحاً. قد يتبع هذا القسم ما قد يتعوده بعض الناس، ولكن عند النظر في هذه العادة لا يوجد لها دليلٌ شرعيٌ خاصٌ يدل على اعتبارها، ولا دليلٌ شرعيٌ خاصٌ يدلُ على نفيها، وحينئذٍ ينبغي أن يُنظر إلى الآثار التي تترتب على هذه العادة، فإن كانت الآثار حسنة، فإنها تتبع الشيء المشروع، وإن كانت قبيحة، فإنها تتبع الشيء الممنوع، ولكن ينبغي أن يكون تقدير الحسن وإدراكه، وتقدير القبح وإدراكه حسب الميزان الشرعي، لا على حسب أهواء النفوس، ومن هذا الكلام ينبغي أن يتنبه إلى ما يجري من العادات في المجتمعات وتطبيق الأمر الشرعي عليها، فما وافق الشرع منها أُقر، وما خالف الشرع فإنه يُمنع، والرسول ﷺ يقول: « كلكم راعٍ وكل راعٍ مسؤول عن رعيته، فالإمام راعٍ ومسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ في بيته مسؤول عن رعيته، والمرأة راعيةٌ في بيت زوجها ومسؤولةٌ عن رعيتها، ألا وكلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته ».

        فكل شخصٍ في مركزٍ قياديٍ هو راعٍ على ما يتعلق بهذا المركز، استرعاه الله عليه، وهو مسؤول عن أداء هذه الأمانة يوم القيامة؛ لأن الله -جل وعلا- يقول: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ}[1]، ويقول الرسول ﷺ: « ما منكم من أحدٍ إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان... »[2] الحديث. وبالله التوفيق.



[1] الآية (6) من سورة الأعراف.

[2] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التوحيد، باب كلام الرب عز وجل يوم القيامة مع الأنبياء وغيرهم(9/148)، رقم(7512).