Loader
منذ سنتين

حكم الاعتقاد في السحرة والمشعوذين والتعلق بهم


الفتوى رقم (4534) من المرسل أ. ل يقول: أنا شابٌ ملتزم أعيش في قريةٍ صغيرة، رأيت بعضاً من الناس ورأيت أعمالاً قد حرمها الله، مثل: اعتقاد الناس عندما يتأخر موعد نزول الأمطار بأن فلان من الناس قادر على جلب المطر أو العكس، فيذهبون إلى المشعوذ والسحرة ليأتيهم بالمطر، ويدفعون له مبلغاً من المال يدفعه أهل القرية، ويأتي ساحر إلى القرية ويقوم بعمل ورقةٍ يضعها على شجرة ويزعم أن ذلك يجلب المطر، وعندما نصحتهم وبينت لهم أن عملهم هذا فيه شرك ويخرج من الإسلام، سخروا مني، وقمت كذلك بمحاولة منع هذا المشعوذ من الدخول إلى القرية ولكن بدون فائدة، فالناس معه وقد توعدني هذا الساحر بأن يؤذيني ويجعلني مجنون؟

الجواب:

        إنزال المطر هذا تابعٌ لقدرة الله جل وعلا إرادته، {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ}[1]، فهو جل وعلا القادر على إنزال الغيث، ومن زعم أن أحداً من الناس يستطيع أن يُنزل الغيث، فهذا شركٌ يُستتاب صاحبه فإن تاب وإلا قُتل، وهذا الشخص الذي يدعي أنه يُنزل الغيث هذا كافرٌ بالله جل وعلا، وواضعٌ نفسه بأنه شريكٌ مع الله جل وعلا في ربوبيته بمعنى أنه يتصرف وينزل الغيث للناس، وهذا أمرٌ لا يجوز، والواجب هو تبليغ ولاة الأمر في تلك البلد التي فيها هذا الساحر، وتنبيه ولي الأمر على الناس الذين يأتون إلى هذا الساحر؛ لأن هذا منكرٌ، وولي الأمر مأمورٌ بتغيير المنكر حسب استطاعته، لقوله ﷺ: « من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه ». وولي الأمر يستطيع أن يغير المنكر بيده لما أعطاه الله جل وعلا من القوة. وبالله التوفيق.

        المذيع: كونه يتوعده بأنه سيجعله مجنوناً، هل من تعليق شيخ عبدالله؟

        الشيخ: الشخص إذا كان على باطلٍ، وجاء شخصٌ يريد أن يحول بين الناس وبين هذا الباطل، وبخاصةٍ أن هذا الشخص الذي على باطل يدجل على الناس ويأخذ أموالهم، لاشك أن وجود شخصٍ يعارضه في ذلك وينبه الناس على أن هذا أمرٌ لا يجوز، لا شك أن هذا الشخص يتضايق من ذلك، ويبذل الأسباب التي ينتقم بها من الشخص الذي يريد أن يعارضه ويمنع مجيء الناس إليه، ولكن الشخص عندما يريد أن ينصح، فإنه لا يبالي بما يحصل من وعيدٍ وتهديدٍ وما إلى ذلك، فإن الله جل وعلا يحفظه، يقول الرسول ﷺ: « احفظ الله يحفظك »[2].

        ومن حفظ العبد لله جل وعلا أن يحفظ أوامره من جهة الفعل، وأن يحفظ نواهيه من جهة الترك، ومما نهى الله عنه هنا هو: الإشراك به، فالله جل وعلا نهى عن الشرك به، ولهذا قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ}[3]، فتوعد الإنسان إذا مات على الشرك فإن الله -سبحانه وتعالى- لا يغفره، وعلى هذا الأساس فعلى العبد أن يغير المنكر وأن يستعين بالله جل وعلا فإن هذا الشخص لن يضره بإذن الله. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (34) من سورة لقمان.

[2] أخرجه أحمد في مسنده(4/410)، رقم(2669)، والترمذي في سننه، أبواب القيامة والرقائق والورع (4/667)، رقم(2516).

[3] من الآية (48) من سورة النساء.